لقد أطلق السيد الرئيس مشروع تطوير الريف الذي يأتي من ضمن مستهدفات رؤية مصر 2030، حيث يبلغ عدد القري المصرية المستهدف تطويرها " 4741 قرية "وتوابعها " 30888" عزبة وكفرًا ونجعًا، ذلك في إطار التغيير الجذري في كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات والنواحي المعيشية والاجتماعية والصحية.

هذا المشروع سيقود مصر إلى طريق التنمية الشاملة في كل مناحي الحياة، ويتوقف ذلك علي الدراسات التي تمت مع اتساع شمولية الرؤية داخل تلك الدراسات، فالريف المصري هو الركيزة الأساسية التي يمد الدولة المصرية بكل معطيات الحياة الثقافية والاقتصادية والأمنية وأيضا السياسية.

ومن لا يعلم أن الريف هو موروث حضارة الأجداد الفراعنة، حيث أن تلك الحضارة قامت علي ضفاف النيل وكان الفلاح هو العضو الفاعل بل والمكون لها، وعندما أراد محمد علي بناء مصر الحديثة كان عبقريًا جدًا بالذهاب إلي الفلاح ووضعه في الصدارة ليقود تنمية مصر الشاملة.

وعندما أراد نظام مبارك إضعاف مصر قام بطرد الفلاح من المشهد المصري، وليس كذلك فقط بل قام بأزلاله وأهانته، ولذلك اختفي الأمن الغذائي والأمن الثقافي المتمثل في موروثات سلوك التعاطي مع حياة المصريين.

وأرجو بل واتمني أن يكون المشروع الذي أطلقه السيد الرئيس لا يتضمن فقط تجويد حياة الريف، بل أن يقوم علي إرجاع الفلاح إلي حياة الريف، فالفلاح الذي طرده مبارك من المشهد المصري طرد معه مواشيه التي كانت تنتج اللحوم والألبان ومنتجات المعيشة مع زراعاته كل ذلك كان يشكل امن غذائي وثقافي مصري وطرد معه ما هو أهم وهي المبادئ والقيم المصرية الأصيلة ولذلك كان البديل ما هو من مدخلات غريبة عن ثقافة الحياة المصرية..

وعلي اثر ذلك كنت قد تقدمت بدراسة منذ سنوات وكتبت عنها كثيرًا باسم "بناء مصر من القاع للقمة" وقد أرسلتها إلي جميع الدوائر المصرية تلك الدراسة تقوم علي الأتي:

1- تقوم كل محافظة بتحديد أقسامها الإدارية من مجالس قروية وأحياء، علي أن يكون لكل قسم إداري دراسة شاملة كاملة تتضمن الايجابيات المتمثلة في قوة ذلك القسم في أنواع الإنتاج أن كان زراعي أو تجاري أو صناعي، ومن ثم يتم تحديد المشروعات والصناعات اللازمة لذلك الإنتاج، عن طريق تحديد ظهير جغرافي لهذا القسم لإقامة فيه تلك المشروعات، بحيث يصبح ذلك الظهير الجغرافي هو تجديد وإحلال لهذا القسم عبر السنوات القادمة، كل ذلك بجانب تطوير القسم الإداري القائم حاليًا وإمداده باحتياجات المعيشة والحياة .

2 – هذا الظهير الجغرافي يتم إقامته طبقا لدراسات تتضمن المشهد الكامل له تعليميًا وصحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا للسنوات القادمة، بحيث يتوفر فيه عوامل الإدارة الحديثة من حيث التقنية والإدارة الالكترونية.

3- تلك المشروعات القائمة طبقا للإنتاج المتوافر في ذلك القسم الإداري يلزم أن يكون تحت إدارة أهل ذلك القسم بالتنسيق مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي تقود كل عوامل التنمية لذلك المشروع.

4- من الخطأ الجسيم القيام بذلك المشروع العملاق في وجود إدارة التنمية المحلية الحالية لأنها تمثل بلاعات الفساد الذي سيعيق بل سيبتلع أي فكر تنموي في القاع المصري .

5 - تتضمن دراستي " بناء مصر من القاع للقمة " البدء أولا في التغيير الجوهري لإدارة التنمية المحلية من حيث التكوين والهيكلة والعمل، وقد اقترحت أن يكون لكل محافظة نظام تحت إدارة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، هذا النظام يقوم بتعيين المحافظ وطاقم الإدارات المحلية من ابناء المحافظة نفسها طبقًا لشروط علمية واقتصادية واجتماعية، ذلك التعيين يكون عن طريق مسابقة يعلن عنها .

6 – يتضمن التعاقد بين المحافظ الجديد المعين وطاقم إدارته المحلية عقد عمل محدد المدة والشروط وقابل للتجديد، ربما يكون هذا العقد سنويًاً أو أكثر من عام ويشرف علي التعاقد كما ذكرنا لجنة من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

وأخيرًا أشيد بقرار السيد الرئيس الذي يعتبر نقله نوعية في طريق التنمية المصرية التي يقودها، ولكن اعبر عن تخوفي من أن ذلك المشروع ربما يصطدم بفساد إدارة التنمية المحلية أن بقيت علي هيكلتها وأدائها الحالي.