المهندس السيد طوبا يكتب .. مكة أم القرى


من قام منا بزيارة مكة المكرمة اما لعمرة أو حج أو حتى لزيارة عادية يصدم بحجم التوسعات الضخمة والتغييرات الهائلة التى حدثت لطابع و نسيج المدينة المقدسة فمكة هى أقدس بقاع الارض وقبلة المسلمين وفيها ولد رسولنا الكريم فى حجرة بمنزل عمه عبد الله بن عبد المطلب ونشأ وترعرع بها وعندما تزوج السيدة خديجة عاش بمنزلها ثلاثة وعشرون عاما .
هناك الكثير من الآثار الاسلامية العظيمة والتى وللاسف الشديد هدمت وأزيلت وزحف العمران الاهوج وكلما زاد عدد الحجاج قاموا بتوسعة الحرم وبالتالى هدم كل ما يحيط بالحرم الشريف وانشاء غابات خرسانية بغية ايواء أكبر عدد من الحجاج والمعتمرين فضاعت هوية المدينة المقدسة وتضاءل الحرم بمآذنه بجوار ناطحات السحاب وأصبح معلم المدينة المقدسة ساعة بيج بن تعلو واحدة من تلك الناطحات وتوالى تغيير جغرافية المكان وهدم الجبال لانشاء الفنادق والتجمعات السكنية والتجارية متشبهين بالعواصم والمدن الكبرى دون أدنى مراعاة لقدسية وروحانية المكان.
فعندما اختار الله هذا الموقع المقدس فى قلب وادى ابراهيم لم يختاره عبثا ويعلم سبحانه وتعالى حجم نمو المسلمين ومحدودية الوادى المحاط بالجبال وقد تعالت صيحات المحتجين بعدم المساس بقدسية المكان والحفاظ على جغرافية المكان وروحانيته وترحيل كافة الانشاءات الى ما خلف الجبال مع سهولة ربطها بالحرم المكى عن طريق أنفاق ولكن معاول الهدم كانت أعلى واسرع وأصخب من نداءات المحافظين على التراث الانسانى وللاسف ضاعت هوية المدينة المقدسة .
كنت أتمنى أن ترى الانسانية المكان الشريف الذى ولد به خاتم الانبياء والمنزل الذى عاش فيه ومنازل الصحابة والطريق المؤدى لغار حراء وغيره ولكن للاسف أزيلت وبقيت ذكرى وحسرة فى قلوب أهل مكة والمحافظين على التراث ولا حول ولا قوة الا بالله .