خط أحمر
الخميس، 24 أبريل 2025 05:23 صـ
خط أحمر

صوت ينور بالحقيقة

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

رئيس مجلس الإدارة محمد موسىنائب رئيس مجلس الإدرةأميرة عبيد

مقالات

جمال رشدي : يكتب .. التعليم والخلافة والذمي

خط أحمر

منذ عدة أيام تقدمت النائبة نادية هنري عضو مجلس النواب طلب إحاطة إلي رئيس المجلس ، بخصوص ما يتم تدريسه في مناهج التعليم وطالبت بمراجعة شاملة، لان بعض تلك المناهج يمكن أن تؤدي إلي وجود اختلافات دينية وطائفية، وتحض علي الكراهية وتتسبب في خروج أجيال لا تقبل الأخر أو تتعامل معه، حيث أن بعض المناهج فيها أخطاء فادحة، علي سبيل المثال مادة المواد الاجتماعية في الصف الثاني الإعدادي، والتي توضح أن هناك مسلم وأخر ذمي ( المقصود مسيحي ) وطالبت بالتدخل لتطهير تلك المناهج وترسيخ مفهوم دولة المواطنة المدنية وليست الدينية.

كل الأمم التي تقدمت، كان التعليم هو حجر الزاوية الذي تم عليه بناء التنمية المستدامة، لان في التعليم تتشكل شخصية المواطن، ومنه تتشكل الثقافة الاجتماعية والبيئية لعموم المجتمع، ومنها تكون ثقافة العمل والتعامل لدي المسئول والعامل.

هنا نحتاج إلي إرادة سياسية لبناء منظومة تعليم، تتماشي مع طموحات ثورة 30 يونيو في بناء دولة مدنية تحترم حقوق المواطنة، وتعمل علي ترسيخ الهوية المصرية بجانب بناء ثقافة الإنتاج والعمل، ولذلك نحتاج مصارحة واضحة أمام ضمير الوطن، بأن النظام التعليمي الحالي يكرس لدولة رجعية ظلامية ويرسخ لثقافة الكراهية وعدم قبول الأخر ناهيك عن غوغائية وهمجية السلوك وثقافة الفهلوة ... الخ .

البداية كانت عند نظام عبد الناصر التعليمي وعمقه التاريخي، الذي اختزل كل تاريخ مصر الحضاري الذي يدرس في كل مناهج التعليم العالمي كوثيقة تاريخية تبني الإنسان علي العزة والشموخ والإدراك والمعرفة والإبداع والعلم، اختزله نظام عبد الناصر في حقبة ثورة 23 يوليو ورجالها وأهدافها، وترك عمق الهوية المصرية وتاريخها.

وجاءت حقبة السادات وهنا كان جني ثمار ما فعله نظام عبد الناصر في اجتثاث عمق الهوية المصرية من أعماق منهج التعليم، وبدأ نظام السادات في مسخ الهوية المصرية عن طريق تحالفه مع بعض التيارات الدينية المتطرفة في مرحلة من المراحل و لم يكن التحالف سياسي كما يعتقد البعض، بل كان أيدلوجياً لأنه سمح لهم بالتواجد داخل مفاصل المنظومة العلمية والثقافية والإعلامية، بل أصبحوا جزء ومكون أصيل من مكونات تلك المؤسسات، وأخيراً جسد ذلك في الدستور عندما أطاح بكل مواد الهوية وعمق مصر الثقافي والتاريخي واقتصر الدستور في الهوية الدينية للدولة، عندها طفت علي السطح الأفكار التكفيرية والإعمال الطائفية وثقافة التفرقة.

وجاء نظام مبارك الذي هو في الحقيقة امتداد لنظام السادات الثقافي والسياسي، وتعامل ذلك النظام مع ملف العملية التعليمية علي انه ملف جانبي لا أهمية له واكتملت في عهدة مسخ الشخصية المصرية وتفريغها من جينات هويتها التاريخية والثقافية، وانهارت المبادئ والقيم الأخلاقية واصبحت تلك الشخصية مهلهلة أخلاقياً بليدة ثقافياً، تمتلكها فهلوة ثقافة العمل والإنتاج، وانهارت مراكز ومؤسسات الفكر والثقافة واصبحت وكر للمساطيل وأنصاف الفنانين والكتاب.

وكانت النتيجة الحتمية لما بدأه نظام عبد الناصر ورسخه نظام السادات وعاش بداخلة نظام مبارك، هو وصول مرسي العياط وجماعته إلي كرسي حكم مصر، الذي جلس عليه سابقاً عظماء ملوك الأرض أجدادنا الفراعنة، لم يكن مرسي وجماعته إلا نتاج تجريف وتجويف للهوية والثقافة المصرية.

وجاءت ثورة 30 يوليو العظيمة، وهدفها لم يكن فقط الإطاحة بنظام مرسي وجماعته بل كان الهدف أعمق من ذلك بكثير، وهو استرجاع مجد مصر المفقود منذ 3500 سنة، وذلك الهدف جعل الثورة تنادي وتطالب الجنرال عبد الفتاح السيسي بالتقدم للترشح لحكم مصر، لم يكن مطالبة الثورة له لأنه كان وزيرا للدفاع ومساندة القوات المسلحة المصرية للثورة، بل كان بسبب دافع داخلي لجينات الهوية المختزنة في ضمير الشخصية المصرية، وهو أن الجيش المصري سليل أمجاد مصر الماضي، وكان الزى العسكري للجنرال المصري عبد الفتاح السيسي يمثل لهم قوة وشموخ وعبقرية جدهم أحمس طارد الهكسوس.

وتعلقت أنظار المصريين واعتقد الجميع بما فيهم أنا، أن أول الخطوات سيكون التعليم وبناء الإنسان وان يتم نسف المنظومة الحالية التي هي حصاد سنوات العجاف الثقافي والأخلاقي، وحلمت أن أري صورة أجدادي الفراعنة عظماء التاريخ تزين كل مناهج التعليم والأبنية التعليمية والمراكز والمؤسسات الثقافية .

وذلك لن يحدث إلا بتطهير كل مؤسسات الدولة من العنصر البشري الذي هو نتاج ما زرعه السادات ورواه مبارك، وكانت المفاجأة القوية، أن النظام الحالي لم يقترب من بعيد أو قريب من تطهير مؤسسات الدولة من حكم مرسي وجماعته واكتفي بتطهير كرسي الاتحادية فقط، وبقي منهج التعليم والعملية التعليمة داخل جلباب جماعة مرسي وكل ما علي شاكلتهم .

والسؤال هنا لماذا لم تضع الجكومات سواء الحالية أو السابقة أو القادمة العملية التعليمية في أولويات اهتماماتها، بل من الملاحظ أن كل مفاهيم وسطور مناهج التعليم في كل مراحل العملية التعليمية ازدادت رقعة مساحة التطرف والكراهية ضد الأخر، فهل هذه الحكومات متغافله ام غافله ؟ .

الامر بسيط ولا يحتاج مجهود، أو تكاليف مادية يحتاج فقط ارادة سياسية، وهو تكوين لجنة تابعة للرئاسة من خبراء وعلماء ومتخصصون، يؤمنون بعمق الهوية والثقافة المصرية، بوضع مناهج تعليم مصرية خالصة من شوائب المسخ والتعكير التي تسير بالمجتمع إلي طريق اللاعودة .

الإصلاح ليس في التابلت لان ذلك لهو لا فائدة منه، كمثل انك تعطي جائع مريض منهك جلباب فاخر، فما الفائدة من الجلباب والشخص يحتضر للموت .... نحتاج ارادة سياسية وضمير وطني خالص لبناء منظومة تعليمية مصرية متيزة وبخلاف ذلك ذلك فنحن نسير في الطريق الخطأ.

جمال رشدي التعليم الخلافة الذمي
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة