نيفين منصور تكتب ... الخلل الذي يؤدي إلي الفشل!


توالت العصور واختلفت الوجوه ولَم نتغير رغم مرور ثورات وأحداث متتالية هزت أهل مصر، وقفات تدعو إلي التأمل، ماذا تعلمنا وماذا فعلنا؟ نصرخ دائماً باستمرار ونشجب ونعترض والخلل يتوغل في أعماقنا، وبعد الصراخ ننسي ونتناسي ويعود الوضع إلي ما كان عليه دون فعل حقيقي يغير من الواقع الأليم الذي نحياه جميعاً.
التف الشعب يصرخ ويأن ولانت القلوب، وظننا أننا بالفعل قد تغيرنا، ظهرت الرحمة لبعض الوقت والتكاتف والتف الجميع حول هدف واحد للعودة إلي الاستقرار، والأمن والأمان ومضت الحياة دون تغيير ، ولَم ننجح في شئ فعلي علي أرض الواقع.
الشعب المصري علي الرغم من تعداده الكبير الذي يستطيع أن يصنع المستحيل للأسف الشديد لم ينجح حتي الآن في التكاتف الحقيقي الذي يحقق المعجزات ، الفقراء يصرخون من شدة الفقر، والأغنياء يعيشون في ترف ولهو وكأننا دول مختلفة، كل يغني علي ليلاه، ولا يسمع هؤلاء صوت هؤلاء.
والمؤلم بالفعل هو موقف بعض كبار المستثمرين الذين يستطيعون البناء والتعمير وتغيير الواقع إلا أنهم يفضلون المكاسب الشخصية ويتناسون من حولهم ممن قتلتهم الحوجة وعذبتهم الحياة ، حتي ضاقت صدورهم وأسودت الدنيا في أعينهم وامتلأ البعض منهم بالحقد تجاه الآخرين ممن يحيون حياة الترف دون حساب، ويمتلكون متاع الدنيا وما فيها .
أتعجب كثيراً من بعض المواقف التي من شأنها تخفيف العبء علي المواطنين ولا تحدث لعدم قدرة الدولة علي تغطيتها ولا يتم إسنادها لأصحاب المال والقادرين من بعض الشركات الكبري، علي سبيل المثال، صدر قرار من السيد رئيس الوزراء بإلزام أصحاب البيوت التي لم يتم تشطيبها من الخارج بالانتهاء من أعمال التشطيب للواجهات الأربعة قبل نهاية العام حفاظاً علي المظهر الجمالي ومن يخالف هذا القرار سوف يتم قطع المرافق الحيوية عن مسكنه، وذلك علي نفقتهم الشخصية.
لا يخفي علي أحد أن معظم البيوت التي لم يتم تشطيبها من الخارج هي بيوت تم بناؤها بالمخالفة للقانون وأن قانون التصالح علي مخالفات المباني يتم دراسته لتحديد الرسوم المستحقة لكل منطقة وإلزام المواطنين المخالفين بتسديد الغرامات، وأن معظم تلك البيوت قائمة في مناطق شعبية وعشوائية، فالعمارات الراقية يتم تشطيبها قبل السكن فيها، ويهتم قاطنيها بالمظهر الخارجي اهتمامهم بجمال البيوت من الداخل وفقا لإمكانيات كل أسرة.
أما البيوت المخالفة والتي لم يتم تشطيبها من الخارج ويُدرس حالياً قانون التصالح علي تلك المخالفات معظم سكانها من العمالة المؤقتة أو محدودي الدخل، واكتفوا بتشطيب المنازل من الداخل لضيق ذات اليد،وعاني البعض منهم للحصول علي المرافق لمخالفة هذه المباني لقانون البناء.البعض منهم لا يستطيع تحمل أعباء تشطيب المنازل من الخارج في ظل الإصلاح الاقتصادي الذي أدي إلي ارتفاع أسعار العمالة وخامات التشطيب، فما الحل؟
ألم يكن من المنطق أن تلزم الحكومة الشركات الكبري التي ترصد الملايين لعمل إعلانات في شهر رمضان خاصة وفِي شهور السنة بوجه عام ، أن يجنبوا جزء من ميزانية الإعلانات لتجميل بيوت الفقراء من الخارج حفاظاً علي المظهر الحضاري لمصر، وخصم المبالغ المرصودة للتجميل من ضرائب تلك الشركات، وسوف تؤدي تلك الخدمات نتيجة أفضل بكثير للجميع، فمن ناحية هي دعايا للشركات تؤمن لهم قاعدة جماهيرية جديدة، فيزداد إقبال الجماهير علي التعامل مع تلك الشركات، ومن ناحية أخري نخفف العبء عن الفقراء ونشعرهم بأدميتهم، والدولة تستفيد بتحسين المظهر الجمالي لمصر.
هل من المنطق أن تربح فئات محددة ويعاني العديد من الشعب المصري؟ بنفس الفكر نستطيع أن نحدث التوازن الاجتماعي ونحقق السلام النفسي ونحسن حياة المصريين، ونخفف الأعباء عن الدولة.
الموضوع يحتاج إعادة تنظيم وفكر تسويقي جديد ، ليس من المنطق أو من العدل أن تقوم الدولة بالإصلاح ونحن نفتقد الرغبة في التكاتف كشعب، أصبح شعارنا الغني يزداد غني، والفقير يزداد فقراً!