كما ذكرنا في مقالات كثيرة أن مخطط الشرق الأوسط الجديد الذي أعلنت عنه كونداليزا رايس في 2006، كان يستهدف بما يسمي ولادة الدم عن طريق الفوضى الخلاقة والهدف النهائي تفتيت وتمزيق دول المنطقة إلي دويلات ضعيفة علي أساس أيدلوجي وطائفي وسياسي، تكون العلاقة القائمة بينهم منبعها الصراع والتحارب والنزاع الدائم، في كل هذا يتم تحقيق الهدف الاسمي للمخطط وهو إسرائيل الكبري من النيل للفرات.

وقد ذكرت في مقالات كثيرة أن ما يحدث في سد النهضة وليبيا هو اخر ذيول المخطط الذي يضغط علي مصر بقوة للحصول علي بعض مكاسب أهدافه، والذي استطاعت مصر مع الأشقاء في السعودية والإمارات والبحرين ترويضه وتركعيه والدخول به إلي حيز ضيق من مساحة أهدافه لا تتعدي الكسور المئوية من إجمالي المستهدف منه.

تلك المساحة هي ما تسمي بصفقة القرن التي ما زالت بنودها غامضة؟، لكن كما ذكرت في المقال السابق هي شئ اخر غير الأرض تعتمد علي فكر تنموي يستطيع احتواء كثير من الدول العربية مع إسرائيل، بجانب تطبيع كامل معها سياسيًا واجتماعيًا .

وقد ذكرنا أيضًا، أن أبي أحمد رئيس وزراء أثيوبيا هو أداء رخيصة من أدوات المخطط يتم تحريكه من أمراء المخطط والذين يمتلكون سد النهضة، وأن أثيوبيا لا تمتلك السد ولا قرار التفاوض، ومعه الاراجوز العثماني اردوغان الذي تم تجنيده منذ سنوات ليكون أداء من أدوات المخطط ،مع منحه بعض الامتيازات الاقتصادية والعسكرية لدولته والسماح له بالسيطرة الكاملة علي مقاليد الحكم داخليًا وحماية تحركاته خارجيًا، ومع هؤلاء خزينة تميم المالية الداعم الرسمي لمتطلبات المخطط المالية في المنطقة ،ولا ننسي إخوان البنا ومن خرج من عباءتهم الأيدلوجية أمثال داعش والحركات الراديكالية وعلي الجانب الأخر إيران وحزب الله والحوثيين.

ولقد ذكرنا أيضًا، أن عند الوصول إلي إبرام اتفاق صفقة القرن سيتم التخلص من تلك الأدوات جميعها لأنها تحتضن الكثير من أسرار المخطط ، وستكون عبء كبير علي الولادة الجديدة لصفقة القرن، نعم أيها السادة سيتم تدمير نظام اردوغان وربما تفكيك دولته، وسيتم فتح بوابات سد النهضة علي مصراعيها وربما نسفه، وكانت البداية مع الإعلان الإماراتي الإسرائيلي علي الاتفاق، حيث أعلنت حكومة الوفاق ومعها مجلس النواب، وقف لإطلاق النار والمطالبة بخروج كل القوات الأجنبية من أراضيها.

أعزائي القراء هناك عدة أسئلة هامة للغاية، كيف ولماذا استطاعت مصر الفقيرة بناء ذلك الجيش القوي المكبل بقيود معاهدة كامب ديفيد( وفتح كل أسواق السلاح أمامه في كل دول العالم ) والدخول في كل أراضي سيناء بأسلحته الثقيلة المحرمة طبقًا لمعاهدة كامب ديفيد ؟ كيف استطاعت مصر تعمير سيناء واستغلال مواردها الطبيعية، والتي تقول الأبحاث المختصة أن ما بها من موارد طبيعية قادرعلي بناء إمبراطورية ؟ كيف استطاعت مصر أن تقييم منتدى الغاز العالمي في القاهرة لتصبح المركز الأول للطاقة في العالم ؟ كيف استطاعت مصر أن تصنع بنية تحتية في وقت وجيز بشكل إعجازي ؟ كيف فتحت مؤسسات المال العالمية وعلي رأسها البنك الدولي خزائنها أمام مصر للاقتراض بسهولة؟ كيف اندمجت مصر في النظام العالمي واصبحت عضو فاعل ومؤثر بعد أن كانت مهدده بالحصار بعد ثورة يونيو.

قبل الإجابة علي تلك الأسئلة لابد أن نسأل سؤال اخر، لماذا لم يفعل نظام مبارك كل ما بداخل تلك الأسئلة؟ وهو الصديق الحميم للإدارة الأمريكية، بل سنوات حكمة كانت كارثة علي مصر التي أصبحت أشلاء دولة في نهاية عهدة وتم تدمير كل محتويات مؤسسات الدولة.

أيها السادة القراء للإجابة علي الأسئلة، أقول إنها صفقة القرن التي منحت مصر تلك المساحة لكي تتحرك فيها واعتقد أن القادم مذهل للغاية وسينقل مصر والمنطقة إلي أفاق جديدة، فبعد أن كان هدف المخطط هو ولادة دم لدويلات ضعيفة في المنطقة، افرز ولادة نظام إقليمي جديد عملاق ستكون مصر بداخله هي القائد والمحرك بحكم عوامل اقتصادية وسياسية.

الفترة القادمة ستشهد بلورة بنود صفقة القرن سياسيًا وستشهد الكثير من إعلانات الاتفاق مع إسرائيل، وسيظهر التكوين الأولي للنظام الإقليمي الجديد بدون أردوغان أو تميم أو الإخوان ومعهم حزب الله والحوثيين.