محمد عبد اللطيف يكتب: رحلة البحث عن أب للمدعو متولى سعيد


في أعقاب ترويج مقطع فيديو لشخص مجهول على موقع "يوتيوب"، تلقيت العديد من الاتصالات الهاتفية الغاضبة من العزف على أوتار الفتنة ،واستباحة أعراض أشرف نساء الأرض وأعلاهن قيمة ومكانة.
تضمن الفيديو عبارات خادشة للحياء ومحرضة علي إثارة الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد ، خاصة إذا علمنا أن قضية العرض والشرف لدى الصعايدة لا تقبل أنصاف الحلول أو المواءمات ، لأنها من المحرمات.
هنا سأتوقف أمام أساليب التضليل من المدعين المحسوبين زورا على الاعلام،، وهم نكرات لا وزن لهم بارتكاب جرائم وخطايا تستوجب العقاب القانوني، لتناولهم القضايا الشائكة ذات الحساسية، دون إدراك للعواقب والتداعيات الكارثية،الناتجة عن الاكاذيب التى يروجونها، فراحوا يمارسون أبشع أساليب الانحطاط، دون دراية بالفروق الجوهرية بين حرية الرأى وإثارة الفوضى وارتكاب الجرائم الأخلاقية فى حق المجتمع.
حفزنى الغضب على الانضمام إلى المئات الذين قرروا رفع دعاوى قضائية ضد المدعو متولي سعيد، الذى اتهم بلا حياء أو خجل نساء الصعيد بالخيانة، فأشعل نيران الغضب لدى الملايين ممن يقيمون بالداخل وغيرهم الذين فرضت عليهم ظروف الحياة للانتقال والعمل فى العديد من البلدان.
سألت أحد المحامين عن كيفية رفع الدعوى بطريقة صحيحة، فأكد ضرورة أن يكون اسم المدعى عليه ثلاثيا كنوع من الاستكمال الشكلى.
لا أستطيع إنكار صدمتى من هذا الإجراء، فأنا لا أعرف عنه سوى ما جرى تداوله فى الأيام القليلة الماضية أن اسمه « متولي»، وعلى هذا الأساس بدأت رحلة البحث عنه، فازدادت الأمور تعقيدا، حيث تبين لى أن لقب سعيد هو اسم شهرة فقط، ربما يكون لصيقا بعائلته أو غير لصيق بالأساس.
كل الذين التقيت بهم فى محاولة من جانبى للوصول إلى اسم أبيه أو جده، لا يعرفون شيئا عنه.
سرح خيالى وتساءلت هل تعرض لخيانة جعلته يهتم بمثل هذا النوع من القضايا لمناقشتها فى العالم الافتراضى، وإجراء حوارات مع شخصيات مجهولة وأسماء مستعارة؟
لكن بعيدا عن هذه الزاوية التى انطلقت منها الأسباب النفسية، التى ربما كانت دافعا رئيسيا فى تبنيه تلك القضايا، حاولت معرفة انتماءاته العرقية، أى العائلية، فلم أجد أى معلومات تقود للوصول إلى اسم أبيه الحقيقى، بهدف استكمال الشكل فى رفع الدعوى، الأمر الذى دفع بعض الذين تحدثت معهم فى هذا الشأن إلى أن يطلبوا منى تقديم بلاغ إلى النيابة العامة، وعلى أجهزة الأمن أن تتولى البحث عن أصله وفصله، باعتبار أن لديها خريطة كاملة فى الأحوال المدنية ودفاتر ملاجئ اللقطاء ممن لا توجد معلومات عن آبائهم الحقيقيين.
لا أنكر فى هذا السياق أن هذا النموذج الموتور، الذى اعتبر نفسه خبيرا فى علوم الاجتماع، تارة يتحدث عن انتشار الإيدز في "المطرية" الحي الذي يقيم به وتارة أخرى يطلق الاتهامات العشوائية بالطعن في شرف نساء الصعيد لاشعال فتيل الفتنة.
لذا لم أجد وصفا يليق بهذه الادعاءات والبذاءات سوى أنها نوع من ممارسة الدعارة على اليوتيوب لركوب الترند بهدف تحقيق مكاسب مالية، ولى فى ذلك أسباب أرى أنها موضوعية، باعتبار أن جميع الرذائل تخرج من السوشيال ميديا.
الأمر الذى جعل كثيرين يصفونها ببيوت البغاء، باعتبار أن ما يخرج منها لا يخضع لأى معايير أخلاقية أو ثوابت وطنية، فضلا عن دهس قيم المجتمع، فمع غياب الرقابة الذاتية «الأخلاقية» إلى جانب الرقابة الرسمية، لم يكن غريبا أن تصبح المواقع ساحة مفتوحة على البحرى أمام مجهولى النسب، لكى يتباروا فى قذف المحصنات وتزييف الحقائق الخاصة بهم، وإهانة العقل، وتضليل الرأى العام من مدمني «البانجو».
أعلم أن وصف البغاء والدعارة ربما يكون قاسيا، لكننى أرى أنه ملائم لما حدث فى حق ما يربو على ٢٠ مليون سيدة طاهرة عفيفة، خاصة إذا علمنا أن بيوت الدعارة تدار فى سرية وبعيدا عن العيون وليست على الملأ، مثلما حدث بفيديوهات ذلك الموتور.
مثل هذه النماذج تجاوزت كل الحدود المتعارف عليها فى موروثنا الأخلاقى، وهى الحدود التى وضعت معايير الشرف الوطنى ، لكن للاسف أصبح كل اللقطاء من مهاويس السوشيال ميديا خبراء فى كل شىء وقادرين على فعل أى شىء، دون إحساس بأن رائحتهم صارت كريهة، بل تحوم حولهم الشبهات من كل جانب، فالنوايا التى تحرك تصرفاتهم جزء من حروب تشتيت العقل لدهس الثوابت بمقابل.. هم يصنعون الأكاذيب ويطلقون الشائعات دون أدنى مسئولية.
ما حدث حفزنى على استدعاء مقولة «جوبلز» وزير إعلام النازية أثناء الحرب العالمية الثانية، فهو عبر عن كل تلك الهرتلات بمقولة عبقرية فى دلالتها، قال «أعطنى إعلاما بلا ضمير.. أعطك شعبا بلا وعى»، هو يقصد أن الأكاذيب والشائعات، تلعب دورا مهما فى تضليل الرأى العام، بما يصنع حشدا داعما لترويج الباطل.
بالعودة مرة أخرى إلى رحلة من البحث الشاق عن أب للمدعو متولي، أعلن أننى لم أستطع التوصل لاستكمال الشكل فى قضيتى، لذا سألقى الكرة فى ملعب البرلمان الذى يضم ٩٠ نائبة، ليثأرن إلى جانب زملاءهم نواب الصعيد من حماقات اللقطاء، خاصة أن الجريمة كانت في كافة السيدات زوجات المغتربين من قبلي وبحري.