مقالات

خالد السيد يكتب: الصحافة رسالة قبل أن تكون مهنة

خط أحمر

الصحافة قبل أن تكون مهنة فهي رسالة وفي الوقت نفسه أداة هامة في بناء المجتمع عند كل أمة ، ومرآة صادقة لنشاطها في شتى مناحي الحياة، ما يوجب ضرورة مراعاة الأخلاق العامة عند صياغة الخبر أو جمعه وتوافر المعايير الأخلاقية المشروطة في خبر من الأخبار وهي : الصدق والدقة والحيادية أو الموضوعية وهي مجموعة عناصر مستنبطة من الحقوق التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة ووثيقة اليونسكو ، ذات جوانب أخلاقية تتعلق بممارسة المهنة أهمها: قول الحق والصدق وعدم إخفاء الحقيقة وتوخي الأمانة فيما يكتبه الصحفي والحرص على عدم تشويه الحقائق أو السعي وراء منفعة شخصية واحترام آراء الآخرين وخصوصياتهم وثقافات الشعوب الأخرى والمساواة والأنصاف في تبادل المعلومات وتحمل المسؤولية الاجتماعية لتعزيز قيمها الإيجابية.

ولا يتأتى ذلك إلا من خلال مراعاة مصادر أخلاقيات المهنة الصحفية : وعلى رأسها السياسة الإعلامية التي تتأثر أخلاقيات المهنة الصحفية بها وفق السائد في البيئة التي يعمل فيها الصحفيون والمؤسسات الاعلامية المختلفة والتي تتحدد بموجبها الأطر العامة لأخلاقياتها. وتختلف هذه السياسات من دولة لأخرى بحسب طبيعة الأنظمة الحاكمة والمجتمعات فيها.

أما الأخلاقيات المهنية فإن مواثيق الشرف أو مواثيق الأخلاق المهنية تعد مكملة للحقوق والضمانات المكفولة، إذ تعكس وتحدد الحقوق والضمانات التي يتعين توفيرها للمجتمع أو للبيئة التي تمارس فيها العملية الصحفية ذاتها ومن ثم تبلور هذه المواثيق المسؤوليات الاجتماعية والأخلاقية لرجال الإعلام حيال المجتمع الذي يعملون فيه، وحيال المجتمع العربي ككل، وحيال المجتمع الدولي ذاته، وتبنى على أساس أن الإعلام وان كان حقاً للفرد، فهو أيضاً حق للمجتمع، وينبغي حماية حق المجتمع في الوقت الذي تحمي فيه حقوق الأفراد. وعلى ذلك فكلما نضج النظام الإعلامي، أرتفع المستوى المهني للعاملين فيه، وتزايدت الحاجة إلى تحديد هذه القواعد والالتزامات الاجتماعية لرجال الإعلام.

وتعد التنظيمات المهنية الجهة المسؤولة عن تنفيذ هذه القواعد ومراقبة الالتزام بها، على الرغم من كونها قواعد اختيارية تمثل اختياراً ذاتياً لرجال الإعلام، وكما ضمنت هذه التنظيمات حقوقاً لهم فقد رتبت التزامات ومسؤوليات أيضاُ حيال المجتمع ومن الطبيعي ان تكون مثل هذه الالتزامات هي مهنية وإخلاقية غالباً .

وفي المرتبة الثانية تأتي المؤسسة الصحفية كمصد لاخلاقيات الصحفي، فلكل مؤسسة صحفية تقاليدها وسياستها الخاصة بها التي تضعها لنفسها وتحكم آليات العمل لتحقيق أهدافها ومن ثم المطلوب من العاملين فيها الالتزام بتلك السياسة ، بما يتوافق مع ما تقرره الهيئة الوطنية للصحافة بما يتمتع به سلطات ورقابة الاداء وفق قانون الهيئة الوطنية للصحافة ، وتؤدي الإدارة دوراً أساسياً في ترجمة سياسات المؤسسة إلى واقع عملي، فهي لا غنى عنها في هذا المجال

وتؤثر سياسة المؤسسة الصحفية في أوجه النشاط الإعلامي كافة لا سيما ما يتعلق بجمع الخبر، فالصحيفة التي تتبع أسلوب الإثارة في الإعلام والنشر تسعى إلى الحصول على الأنباء المثيرة للقارئ مثل الجنس والجريمة والصراع على المال والنساء… الخ مع العمل على تحريرها بأسلوب مثير يحوي كثيراً من التهويل والمبالغة في إخراجها، في حين هناك صحف أخرى تتبع أسلوباً محافظاً في جمع مادتها الصحفية فلا تنشر أو تذيع إلا ما يتفق مع سياستها الإعلامية في إشاعة القيم العامة والتراث الثقافي والمثل العليا للجماهير.

وتقع على عاتق رئيس التحرير أو المدير المسؤول لأي مؤسسة صحفية مهمة خلق التقاليد وسياقات العمل التي تعد معياراً لنجاح سياسته الموضوعة أو فشلها، لأنه يعد اللولب السياسي والثقافي والحرفي للعملية الصحفية وهو الموجه والمنظم والمحيط بأبعاد الممارسة يومياً وبلا انقطاع. أي أنه قائد جميع ميادين الحياة الصحفية في الجريدة.

ويأتي في المرتبة الثالثة فريق العمل الصحفي إذ تحدد طبيعة العلاقات القائمة بين الصحفيين داخل المؤسسة الصحفية اتجاها سلبا او ايجابا ، وفي المؤسسات الصحفية فأن آليات العمل تفرض على زملاء المهنة أخلاقيات مهنية تصبح بمرور الزمن جزءاً من متطلبات إنجاز العمل أو ما نسميه بتقاليد العمل .

وأخير المجتمع من أهم مصادر أخلاقيات المهنة لأنه المنبع الرئيس الذي يستمد الصحفي أخلاقياته المهنية منه. ولكي تكون رسالته الصحفية الموجه إلى الجمهور مؤثرة لابد له من أن يعبر عن نبض الجماهير وإحساسها ومشاكلها وهمومها، والتطلع دوماً إلى عرض رسالته بموضوعية وشفافية واضعاً الحلول المقترحة وموجهاً ومعلماً وهادياً بمختلف القضاياً التي تهم المجتمع، ذلك لأن ( الناس تميل إلى التطلع إلى وسائل الإعلام طلباً للمعلومات والتوجيه والعون المعنوي، وكلمات التشجيع والقصص الخبرية التي تشبع الأفكار المتعلقة بالتسامح والتفهم والحب والسلام والتي تولد الأمل).

 خالد السيد الصحافة رسالة قبل أن تكون مهنة خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة