مقالات

سارة درغام تكتب: ستحبها إلى حد ما لا نهاية

خط أحمر

الرسالة الثانية :

إهداء: مرةً أخرى إلى عيونك السود ..

أما بعد،

سأقول لك في هذه الرسالة شيء في غاية الغرابة، أريدُكَ أن تعرف إنني لا أملك أموراً مُبهرة، مثلاً في كل مرة يسحبني الانعكاسُ إلى المرآةِ أبحثُ عن لمعانٍ بعيد .. عن رائحةٍ في الزجاج..

أنا التي لا تسكنني جذور الصّبر و اتمنى من الله أن يضع في قلبي لو ذرة صغيرة من الصبر و طولة البال ..مزاجيتي تتقيئ لو على أن أُكمِلَ فيلماً .. قصةً .. أو روايةً دون أن أقلب الصفحة الأخيرة .. أو أن أقرؤها قبل الإهداء ..

" أحب النهايات " عكس الجميع .. أكره الأحاديثَ الطويلة .. صديقتي التي كانت تلبّد وجهي بالكلام عن قصة حبها التى دامت لمدة أربع سنوات و في النهاية تزوج بأخرى .. كان قلبي يخترقها كالضوء بجملة " هلاء دخلِك أنتِ شو لون عيونك! "

إجمالاً أنا كائنة لا تسمع الأحاديث ... "نعم لا أسمعها .. بل أراها .."مازلتُ محافظة حتى سن الخامسة و العشرين على بشرة الأطفال .. او حتى عاداتهم الطفولية ..

لازلتُ التهم الآيس كريم بشراهة .. و أحبُ جميع أنواع الشوكولا الفرنسية و الحلويات العربية حتى .. أحب بداية النهار فقط .. عند طلوع الشمس و في كل صباح أشكر الشمس على وجودها و كم أنني ممتنة لها عند معانقتُها لي في كل مرة لم أجد دفئاً في قلبي ..

أحبُ الليل و كم من قصص و أحاديث تبادلتُها انا و النجوم .. البكاء .. تسيل دمعتي على كل شيء حتى المناديل في كثير من الأحيان هي من بدأت تواسيني قائلة :

أعتذرُ لكِ نيابةً عن جميع من خذلوكِ .. و ذلك المنديل :و عن كل الأمور التي فقدتِها ".

بالمناسبة يا .. أخاف عليك من "نساء المظلّات" اللواتي يخفنَ على مساحيق التجميل .. تسريحة الشعر ..أكثر من شعورهن بنشوة الحُب ...

فأنا يلفتُني جدّاً شابٌّ لا تغريه فتيات المجلّات و مواقعِ التواصل ، شابٌّ لا ينسدلُ لعابَه عند رؤية فتاةٍ بِلباسِ البحر ، و ليجلُس بين مئاتِ النّساء و يبقى طبيعيّاً ، لستُ ضدّ أن اللّه جميلٌ و يحِبُّ الجمال ، لكن هنالكَ فارقٌ بين نظراتِ إعجابٍ بريئة و نظراتٍ أُخرى خبيثة ، ستنتقدوني رُبّما ، لكنّ هذه الأنواع من البشر تثيرُ اشمئزازي جدّاً ، ف عن نفسي لا أريد الاقترابَ من شابٍّ بهذا النّوع ، و إلّا فإنّي سأقلع عينه بالتّراب حتى تمتلئ ..

وإذا كنت منهم أقول لك من الآن بأنك فعلاً تثير إشمئزازي و اراك غبي .. فأنا أحب و أقدر الشب الذي يُقدر و يُعزز نفسه .. أحبُ كوني فتاةٌ شرقية .. مع العلم أنني في الكثير من الأوقات اشتم و ألعِّن خجلي و أكادُ اختنق منه .. إلا أنني أعيي تماماً معنى " كونَكِ أن تكوني انثى هو في حيائُكِ و خجلُكِ البريء".

أملك الكلمات الملونة التى تنطلق مثل الفرشات حسب نوع الأشخاص و لكنني أكره الكلمات الخبيثة المحاطة بالإطار المزخرف ..الصوت الأنثوي المغري .. أو حتى الحركات الانثوية المغرية ..أنا لا أملكهم ..

و مع كل هذا أعرف تماماً أنك ستحب الفتاة التى تسكنني .. نعم ستحبها كثيراً.. ستحبها الى حد ما لا نهاية .. و إن سألتني و من أين لكِ بكل هذه الثقة؟.

جوابي و هو :

- كيف لك أن تمنع نفسك من السقوط في حب فتاة ترتدي أقراطاً جميلة، وتجول في منزلها المنعكش و البسيط لتبحث عن فستانها الأسود ..لتستعد للخروج بكامل اناقتها الى البحر لمدة دقيقتين، وفي المقهى تجلس متربعة، وتتحدث عن فساد الحكومة و عن حُبها للكتابة و تتحدث عن الطاقات الروحانية و عن التاروت و عمليات تنضيف الشاكرات .. و عن الكارما الكونية و عن حُبها لأطفال الشوارع الذين ينتظرونها كل يوم في أول الحي عند عودتها من عملها الشاق و المُحب ..

تشرب القهوة بجرعاتٍ زائدة .. تُحب أن تستمع لأغاني فيروز في كل الأوقات .. ليس في الصباح فقط .. و عند محادثتها مع أشخاص يقولون لها أن فيروز فقط يمكننا سمعها في الصباح ... تغضب كثيراً و من الممكن ان تشتمهم على هذا السبب ..

تلعب البلياردو، وتقلع عن التدخين كل يومين كعادة مستمرة.. تشاهد مبارايات الفوتبول لساعات طوال وتقبلك عند كل هدف، تعتبرها قبلة النصر "كحجة لتأخذ منك قبلة" ، مع انها تكره الفوتبول كثيراً و لا تفهم ابداً في الأمور الرياضية .. و لكنها تحبُ مشاركتك قط . تربط خيباتها في مقبض الباب وتذهب لتقتلع أوجاعها بينها و بين نفسها أو على أوراقها و حبرها الخاص ..

تستطيع أن تصبح صديقة أي شخص في هذا العالم، فهي تُحب جميع العالم .. تبتسم للمارة في الشارع لو حتى كانو سينعتوها "بالمعتوهة " أو أن تذهب لمشاهدة الأفلام الغريبة في صالات السينما الفارغة وحدها..أو حتى تقرر السفر بمفردها ..

فتاة شجاعة تقول للعالم يومياً: الحياة حرية. تقودك من يدك إلى باب عالمها الخاص. عالم مليء بالموسيقى والكلمات المنمقة التي تحفظها من الكتب، تحب الكلمات، و الكلمات تحبها .. و مع كل مرة تقول لها كلمات جميلة ستحفظها وترددها وكأنها تسمعها لأول مرة في حياتها..

ستُحبها كثيراً .. ستشاهد افلامها المريضة و تقرأ كتبها المفضلة و تتحمل صوتها المزعج و هي تغني لك ..

سوف تأتي لها و انت في جل انزعاجك و غضبك و تتكىء على كتفها المريح لتحكي لها عن صفعات أبيك، حُبك لأمُك، المعجزات الكونية ، هروبك من المنزل في مراهقتك ، المطلع الموسيقى في أغنيتك المفضلة.. و تجاربُكَ الجنسية الأولى ، و الفتاة المدللة الجميلة التى أحببتُها لسنوات و كنتم على وشك الزواج و لم يتم اي شيء .. أو عن الفتاة ذو الجمال الفائق و خيانتُها لك..

ستنتظر قُبلاتها يومياً و عند سفرُكَ الى بلدٍ آخر بغية الشغل سوف تعود إليها منهمكاً لتلمس خديها ، سوف تبكي ، تضحك ، تسقط ، تفلت من نفسك، و تطلق روحك الطفولية معها فقط ..

ستُحبها كثيراً حد الخوف.. وهي ستُحبُك كثيراً حد الى ما لا حدٍ له .. ستحبها كثيراً .. ستتصرف معها بجنون الى حد الارتياح ، تنظر إلى نفسك في المرآة وتقول للحب "أنت الرابح".

تراها في كل يوم جميلة الجميلات.. و حتى هي ستحبُكَ و جميع اصدقائها سيلاحظون تصرفاتها الغريبة بالنسبةِ لهم و عندما تضع صورة selfie على حسابها الشخصي "الفيس بوك" سوف يعرفون انها واقعة في حالة غرام .. فقط من خلال جمالها و اشراق نور وجهها الذي يزداد كل يوم و هي معك..

و بعد كل هذا .. يأتي اليوم و تقرر أن تخرج بأوجك من حياتها و تتوق للخروج ..

و الانسحاب بهدوء بعناق .. و النهاية تكون في رسالة جديدة .

إلى اللقاء .

سارة درغام ستحبها إلى حد ما لا نهاية خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة