مقالات

محمد محفوظ يكتب: ”خير المواقيت لرؤية العفاريت”

خط أحمر

أيام قليلة ونستقبل فيها شهر رمضان الكريم أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات، هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان، شهر بين لياليه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر، هذا الشهر العظيم الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم " إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين " وفي رواية أخرى "وصفدت الشياطين" ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فعلى الرغم من تصفيد الشياطين إلا أنه يبدو أن هناك نوع آخر من الشياطين وهي شياطين الإنس، فشياطين الإنس برأيي أخطر من شياطين الجن ، لأن شيطان الجن عندما تقرأ عليه بعض الآيات يفر ويهرب، بينما شيطان الإنس عندما تقرأ عليه هذه الآيات ربما يعطيك تفسيرا لها وهذا ما قد يحدث للأسف بيننا في زمن بات رمضان فيه شهر المسلسلات ، فبدلاً من أن نتسابق على الطاعة والفوز بمعفرة الله ورضوانه أصبح من بيننا من يتصور أنه يجاهد ويضحي بنفسه ليشارك في إنتاج ما يفسد على الناس صيامهم من دراما رخيصة وأعمال مليئة بالإسفاف والإنحطاط لا تزيده إلا خسراناً ، فلا تندهش عزيزي عندما يخرج هذا النقيب الذي أرى بأنه ليس بأشرف ولا بالذكي في هذا الموقف عندما أعلن قائلا " بشكر زملائي الجنود المحاربين اللي نزلوا من بيوتهم وغامروا بأرواحهم في عز أزمة كورونا علشان نسعد الناس" يا عزيزي لا يقصد بالجنود هنا الأطباء ولا جنود مصر ولكن يقصد بها الممثلين و مع كامل احترامي للفن ولهؤلاء الفنانين، فإذا لم يكن للفن و رموزه دور مهم كما كان في الماضي فلا فائدة لهذا الفن، فالكارثة كبيرة والأمر جلل لأن ما أصاب العالم من هذا الفيروس المستجد لا يفرق بين غني وفقير أو رئيس ومرؤوس والجميع في خندق واحد يواجهون نفس التحدي وينتظرون نفس المصير.

واللافت للنظر أن هؤلاء الفنانين والنجوم قد شاركوا في حملات توعوية كان شعارها "خليك في البيت" حفاظا على الجميع ، ولكن يبدو أنهم يقولون ما لا يفعلون، وكما يقول الله تعالى " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم " فأتمنى أن لا نكون كبني إسرائيل يأمرون الناس بطاعة الله وبتقواه و بالبر ولا يعملون به، ثم إن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر، لا بسبب الأمر بالبر.

فكيف لنا أن نتصور الحياة وقد توقف الطواف حول الكعبة في مشهد تئن له النفوس ويغلق الحرمين الشرفين وكافة المساجد في معظم بلاد المسلمين ، واستطعنا بشق الأنفس تحمل ذلك من أجل المساهمة مع جهود الدولة في القضاء على هذا الفيروس المستحدث ، وهؤلاء يتجمعون بالعشرات والمئات هنا وهناك ليستكملون أعمال رمضان الدرامية ، وكأننا لا نستطيع أن نصوم رمضان دون مسلسلات ، أو لن يتقبل الله منا طاعتنا في الشهر الفضيل دون أن نشاهد أعمال الزعيم أو الأسطورة أو البرنس أو الشحرورة أو المسلوخة.

ويمكنك أن تتسائل معي عزيزي عن الجدوى والفائده التي ستعود على الفرد والمجتمع من جراء ذلك ، وعما ستقدمه لنا هذه المسلسلات في رمضان ؟ وهل ستساهم مع أجهزة الدولة المعنية في القضاء على كورونا ؟ ، فما هي في تصوري إلا وجبات فاسدة لا تغني ولا تثمن من جوع ، تحمل بين حلقاتها الثلاثين كل أنواع الفيروسات المجتمعية الخطيرة والتي قد يكون أعراضها أشد وطأة من فيروس كورونا المستحدث ، وعلى الرأس بالطبع منها ما يسمى بــ (رامز) وهو بعيد كل البعد بأن يكون رمزاً للفن الهادف، فكل ما يقدمه لنا كل رمضان هو السباب والشتائم والتخويف والترويع تحت مسمى الضحك والهزار السخيف، الذي يدعو للقرف والإشمئزاز، ففي وسط هذا الكم الكبير من الإنحطاط والإسفاف، وفي زخم مخاوف شعوب العالم من خطورة تفشي فيروس كورونا المستحدث ، لا أجد سبب واضح على إصرار نقيب الممثلين وأعضاء نقابته الموقرين على استكمال تصوير المسلسلات في ظل هذا الوباء، مما يجعلني أعيد عليه وعلى المسئولين من قبله بعض الأسئلة الملحة التي لا أجد لها إجابة ، هل استبدلنا شهر رمضان من شهر عباده وتضرع بالبرنس والأسطورة الزائفة المسماه بــ (رمضان)، وهل من العقل والمنطق أن يكون الزعيم هو إمامُ عادل ويتم الإستغناء عن إمام المسجد في شهر فضيل؟! وهل يصبح كرارة أميرُ وقائد ويتقاضى الملايين والبطل الحقيقي (منسي) وأولاده لا يمتلكون من حطام الدنيا شيئاً ، وختاماً عزيزي أهمس في أذنك وأقول لك تبقى أنت الملك والمتحكم وصاحب القرار لأنك من تصنع نجومية هؤلاء ، فكن علي وعي بأنه يمكن للشيطان ان يكون ملاكاً ، و يجعل من الظلمات نوراً، و لكن امام الحمقى و السذج فقط، فلا تجعل شهر رمضان أن يكون هو خير المواقيت لرؤية العفاريت.

محمد محفوظ يكتب خير المواقيت لرؤية العفاريت خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة