مقالات

سارة درغام تكتب: قد لامسَّ قلبي بعينيه

خط أحمر

رسالة .. ١

البداية : في الثواني التى التقيت فيها عيونك ..

عيونك المنهكة و المتعبة .. كل هالة من الهالات السوداء تروى قصة أو معركة عشتها و خرجت منها إن كنت غالباً أم مغلوباً.. هذه الثواني كانت في مدة ضحلة من عمر الوقت.. أو من عمري أنا

أما بعد ، إهداء : إلى عيونك المتعبة ..

حدث شيء ما .. لا أعلم ما هو !

انهمرت مشاعري و شعرت لوهلة أنني أريد إخبارك عن كل شيء حدث معي ..عن ذكرياتي و أثرها و كل التفاصيل الصغيرة التى تنبض تحت جلدي .. وددتُ أن أشكوا لك عن كل الليالي التي أرقتني .. إخبارك عن كوابيسي و عن منامي المضطرب .. أو عن أنني يصيبني الأرق لمدة ثلاثة أيام على توالي.. ربما كل هذا الأرق بسبب الحبوب المنشطة و الجرعات الزيادة من الكافيين ..

"لا عليك من نومي دعني أكمل لك .. " لوهلةٍ ما .. شعرت بعطش للثرثرة عن كل محوري الكوني .. عن شخصيتي و تغييرها على مدى السنين .. لو أن أبوحَ لكَ على جميع أخطائي التي أُعددها كل مساء حتى يسلبني النعاس و أن اضع حداً لجميع أفكاري الليلية الذي تدور في الطابق العلوي من رأسي او السفلي في القبو ، فقد أصبحت لا أمييز بينهما ..

أود أن أشكوا لك عن كل الذين اخبرتهم انهم المفضلون في قلبي و تلاشوا و اختفوا فجأة من دون سبقِ انذار.. خوفاً من أن يخذلوني يوماً .. ربما !؟

لا أريد أن أقول لك أنني كنت جيدة بما يكفي معهم و هم لم يلاحظوا أو رُبما كنتُ سيئة الى حدٍ لم أكن أنا انتبه الى هذا ..

في الماضي كنتُ امسح شفتي متسائلة : أليس في هذا الثغر شتيمة من الممكن أن تقربهم مرةُ أخرى مني ؟

وعند كل نهاية أو بدايةً كنتُ أبدوا بائسة لجميع محاولاتي بالتبرير لهم .. هل استطيع أن أبوح لك ايضاً عن سراب توقعاتي ؟

على أن أذيتي كانت من أشخاص أُحبهم .. كنت أود ان تستمر الحياة معهم .. و على أنني كنت أحتفظ بتفاصيل وجوههم ..

أو رُبما ما كان عليي أن أُحب هكذا !!

فأنا اندفع تجاه الاشياء بشكلٍ شرس .. أحبُ بدايةً من أعمق نقطة في قلبي .. و أتعلق بالأشخاص و أخشى الفراق ..

تعذبني التفاصيل ، لا أنسى الكلمات التى عذبتني وقت غضب أحدهم، و قد لا أنام بسبب نظرةٍ ما أزعجتني، أهتم كثيراً بطريقة اللقاء و الوداع ، كذلك نبرة الصوت و نظرات العين، الردود الباردة لا أنساها ..

و أشعر أن لديّ ما يَكفي من الذكريات لأشرب قهوتي وحدي في مقهى يظنهُ الجميع فارِغ، وأراه أنا يغصُّ بالغائبين.

أوليس هذه التفاصيل سوف تقودني يوماً ناحية الجنون ؟

أعلم أن التفاصيل سبب شقائي الأكبر في الحياة و أعلم انه من الممكن أن تقول لي بكل سخرية : " كفي !! عن كل هذا الهراء و المبالغة!!.."

أريد أن أقول لك أنني دائماً ما أتأرجح على خُطى هذا الزمن " ما بين اللقاء، البقاء و الوداع"

هل يمكنني بإخبارك حتى عن الاشياء التى لا أعرفها ..

التى تحدث دون أن انتبه لها .. ؟؟

عن أمنياتي الآخذة في الازدياد .. و على أنك واحدٌ من هذه الأمنيات .. ؟

و عن كل القرارات السخيفة التى اتخذتها في غمرة حماسي و كانت وبالاً علييِّ ..

كنت اريد في هذه الثواني ان أشرح لك حيرتي الدائمة .. و إحباطي من الطريق الذي يسير إليه العالم بأجمع ..

أن أحكي لك الكثير عن الحياة ، عن الروايات و الأفلام التي تبكيني و تضحكني .. و عن كتبي المفضلة و حتى عن الكتب التى قرأتها و كانت جزء من اعتراضي عليها مثل .. مذكرات أناييس ، واين دايير و نصوص بيسوا التى تسببت لي وجعاً لا أعلم ما هو ..

أريدك أن تعرف بأنتي فتاةٌ ساذجة ، أقفز فجأة من منطقة الامان بلا مقدمات او انذارات ..

و من عادتي أن أفعل أشياء أندم عليها لاحقاً.. مثلاً الكتابة .. الكتابة عن كل ما يجول في رأسي و داخل مشاعري..

أود بلإعتراف لكَ أنني اعاني من انفصامٌ حاد في شخصيتي .. تنهمر دموعي بشكل لا إرادي على أي موقف و في الثانية نفسها تعلو ضحكاتي ..

فأنا لستُ واحدة .. أنا متعددة .. و جميعنا نُحبُكَ..

لحظةٌ واحدة !!

"جميعنا نحبُكَ؟" هل أحببتُك؟؟ ..

حسناً .. سوف أكمل ..

هل لي أن أحدثك عن آرائي التى من الممكن أن تكون لا تُهم أحد .. و رُبما انت ايضاً لا تُهمك .. ؟

اريد اخبارك عن كتباتي التي لازلت أكتبها بإرتباك مراهقٍ ليس متأكداً من اي شيء..

عن مزاجي الذي يشبه قطاراً مجنوناً في صعوده و هبوطه .. عن قلقي و توتري عن الفراشات التى تطير داخل معدتي في التجمعات الكبيرة ..

اريد اخبارك بالكثيير من الأمور بعد ..

هل لديك الوقت الكافي لسماع كل هذا الجنون؟ و اذا كان بجوابك نعم !

هل لنا أن نلتقي على فنجانِ قهوةٍ في مقهى يطلُ على النيل و نتحدث كأعز الأصدقاء و أكثر الأحباء؟

في نهاية هذه الرسالة التى من الممكن أنها لا تصلك أو

أنك لا تقرأها حتى من الأساس ..

كانت بضعة ثواني لعينيك .. بضع ثواني فقط ..

لا أعلم لماذا أردت إخبارك الكثير و الكثير.. اردت ذلك و بشدة ..

و لكنني اعلم جيداً انك لمستُ قلبي بعينينك.

سارة درغام قد لامس قلبي بعينيه خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة