مقالات

الدكتور شريف العماري يكتب: المُلحدون فى وَرطة

خط أحمر

ليس لهم إله فيدعوه ولا دواء يتناولوه.

نحن نعيش زمن كثر فيه الشتات الفكرى وانتشرت فيه الأفكار الشاذة بصورة غير مسبوقة ،فكانت البشرية معروفة بلجوء الإنسان إلى روحانيات خَفية وخُلُوات تَعبدية مُنذ قديم الأزل فمنهم من إهتدى وعَرف الله ومنهم من ضل وعبد غير الله. وحجة العباد من المؤمنين بالله والمؤمنين بغير الله واحدة وهى أن الكون لابد له من خالق ،ولكن الغريب أن يأتى جيل جديد يقول لا يوجد إله والحياة مادة والكون ناتج عن إنشطارات فيزيائية وتحللات كيميائية بدأ هذا الجيل فى القرن الثامن عشر بعد الثورات الأوروبية والتى خلفت جيل من الملحدين واللا دينيين.

وكان السبق الأوروبى فى عقيدة جديدة تقول أن الحياة مادة ولا يوجد إله للكون وكونوا نظريات كثيرة تنصر فكرتهم العبثية التى لم يسبقهم لها إلا المجانين والمكتئبين ولأن هذه الفكرة كانت تخدم الإتجاه الصهيونى الذى يسعى لتمزيق الدول والصعود على أنقاض الكيانات الدينية والسياسية لاقت فكرة الإلحاد عوناً كبيراً من اليهود لنشرها بين دول أوروبا وروسيا والصين والهند ثم نقلت إلى الدول العربية مع الإستعمار الإنجليزى والفرنسى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا ولم تلاقى رواجاً لها فى وسط وجنوب إفريقيا وعلى مدى قرابة قرنين ونصف القرن لم تتجاوز نسبة الملحدين فى العالم 9٪ وكان شيئاً عجيباً مائتان وخمسمائة سنة يحاولون تشكيك مسيحىِّ أوروبا والغرب و مُسلمى العرب والشرق ولم يتأثر سوى 9٪ بإستثناء بعض الدول الأوروبية التى أنشأ فيها الصهاينة جامعات تُروِّج لفكرة الإلحاد حتى وصلت مُعدلات الإلحاد هي الأعلى في أوروبا وشرق آسيا: 40% في فرنسا، و39% في بريطانيا، و34% في السويد، و29% في النرويج، و15% في ألمانيا، و25% في هولندا، و12% في النمسا أجابوا أنهم لا يؤمنون بوجود أرواح أو آلهة أو قوة خارقة تفوق عقل البشر وكانت معدلات الإستجابة لهم هى الأقل فى أمريكا وإفريقيا والخليج.

ورغم الميزانية الضخمة التى تمول أفكار الإلحاد كانت معدلات الإستجابة غير مرضية لهم بالإضافة للأعداد التى ترجع عن الإلحاد وارتفاع نسبة (الإنتحار) بين الملحدين لغياب عقيدة الحساب والجزاء فى الآخرة مما جعلهم يتجهون إلى إختراع فكر جديد يتوسط فكر المتدينين والملحدين وهو الفكر العلمانى الذى يعترف بالدين نظرياً كأساطير ولا يعتبره منهج يؤثر فى الحياة بمعنى (إعتقد ماشئت لكن لا تقول حلال وحرام)، و تبنَّى الملحدين والعلمانيين تقديم العقل والقوة البشرية على القدرة الإلهية وجعلوا شعارهم (الحياة مادة نتاج الطبيعة ولا يوجد إله) ولم يحدثوا خرقاً مؤثراً فى المجتمعات العربية التى تتميز بالإجتماع على الرأى بخلاف المجتمعات الأوروبية المعروفة بالعزلة الفردية ثم توقف توسع الفكر العلمانى عند مصطفى كمال أتاتورك التركى الذى أغلق جميع المؤسسات الإسلامية وتبعه رضا بهلوى شاه إيران الذى أرغم العلماء على خلع العمامات وحلق اللحى ثم توقف طموح العلمانيين فى الشرق العربى أمام الثورة الإيرانية والجيوش العربية والجيش المصرى هذه الجيوش التى تتميز بالشعائر الدينية حيث لا توجد مؤسسة (مدنية) أو (عسكرية) إلا و بها مسجد وأيضاً الملة الأرثوذكسية التى تتمسك بالتناول والإعتراف ورفض الطلاق وإتباع الكنيسة كمرجع منهجى للمسيحيين .

هذا السرد رؤية شخصية نتاج متابعتى وإطلاعى على أفكار الملاحدة والعلمانيين واللادينيين ومناظرة بعضهم ثم ملاحظتى لأزمة كبرى يمُرون بها هذه الأيام التى ظهر فيها مخلوق دقيق مجهرى يهدد العالم بالإبادة والوباء والفناء ، نعم فيروس كورونا المُعجز يراه المؤمن إبتلاء من الله و يُذكِر بالله ويراه الكتابيون لعنة ويتخذون ربهم ملاذاً لهم من الهلاك وكلاهما يدعو الإله أن يرفع عنهم وعن الأرض هذا الوباء .أما الملاحدة قد وضعوا أنفسهم فى أزمة داخل الأزمة وهى أنهم (ليس لهم إله يدعوه ولا مصل للعلاج يتناولوه)تجدهم الآن مُختفون لا يظهرون ليس عندهم تعليق سوى الهروب والسكوت ثم السكوت ، وذلك أنهم لو قالوا أن الفيروس ليس مخلوق إذاً من أين جاء وهو (مستجد).

ولو قالوا أن الفيروس مخلوق فقد إعترفوا بوجود خالق وتركوا الإلحاد،أما المؤمن يقول أن الفيروس والمرض جند من جنود يسلطه الله على من يشاء إما سخط وإما إبتلاء، والكتابى يقول أن الوباء لعنة خطيئة بنى آدم ويصلى من أجل الرحمة من الله ،أما الملحد فليس أمامه إلاّ أن يقول الفيروس نتاج الطبيعة فكلامه هنا لا يستقيم مع العقل الذى ينادى به، سبحان الذى أذل العالم وأسكنهم بيوتهم وأسكت الملحدين بمخلوق لا يرى بالعين المجردة فالحمد لله الذى أخبرنا على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم( ما أنزل الله عز وجل داء، إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله).

لذلك الملحدون الآن فى ورطة

الدكتور شريف العماري المُلحدون فى وَرطة خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة