الدكتور فتحي الشرقاوي يكتب ..التحذير أمر واجب


التحذير امر واجب...
لكن المبالغه في التحذير ...
قد يؤدي إلى آثار سلبية عديدة...
قمت بدراسة علمية ، استهدفت تحليل مضمون التحذيرات الوقائية، التي يكتبها البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء كانت تحذيرات مكتوبة او مصورة او مسموعة، على مدار الأسبوع الماضي عقب حزمة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومتنا الرشيدة، شأنها في ذلك شأن العديد من بلدان العالم المتقدم، لمحاصرة المد المتنامي لفيروس كورونا، وخرجت الدراسة بالمؤشرات التالية
اولا..كثرة رسائل التحذير الصوتية، التي يقوم بعض الأفراد بتسجيلها و ببثها، ثم قيام الأفراد بتشيرها على صفحاتهم بشكل لافت للنظر، والمثير للغرابة ان تلك التسجيلات الصوتية لأشخاص لا يعلنون عن هويتهم الشخصية أو العلمية ، الأمر الذي يثير بدورة أكثر من علامة استفهام، من هؤلاء الأفراد الذين يبثون نصائحهم لنا، ومدى الثقة فيما ينصحوننا به. انا لست هنا بصدد تحليل مضمون تلك النصائح والإرشادات والتحذيرات، لكن تركيزي في هذا المقام ينصب على كيفية السماح لاي فرد بغض النظر عن هويته المهنية الوظيفية المتخصصه في أن يطالعنا بالحديث عن أشياء ممعنه في التخصص العلمي، ووصل الأمر في بعض هذه الرسائل الصوتية مجهولة المصدر إلى مطالبة الأفراد بأشياء ومتطلبات غير منطقيه ولا تستند إلى اي اساس علمي،
ولا شك أن هذا الإنتشار المبالغ فيه في التصدي الإرشاد الناس، قد يحمل العديد من المخاطر يتصدرها، انها صادرة من أفراد مجهولي الهوية المجتمعيه والعلمية والمهنية، وبناء عليه ينبغي سرعة اتخاذ موقف من الجهات السلطوية المسؤلية لمراجعة مثل هذه التسجيلات الصوتية الارشادية و توضيح مدى أهميتها ودقتها قبل السماح لها بالانتشار والتداول بين الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي،
ثانيا...
من ضمن مؤشرات الدراسة التسجيلات التحذيرية لمعدومي الهوية التي تقوم بتسجيلها وبثها، إن غالبية تلك التسجيلات تتعرض لأنواع معينه من الأطعمة والمشروبات، وتطالب الأفراد بالابتعاد عنها وتجنبها، و تقديم وصفات نباتية وعشبية لمواجهة خطر كورونا، ولاشك أن التركيز على هذا الجانب التحذيري، قد ينطوي في بعض جوانبه على دوافع الترويج لبعض السلع، والاقلال والاحجام من شان بعضها الآخر لأغراض تجارية واقتصادية بحته ، والسؤال المطروح أين جهود المتخصصين علميا في هذا المجال... لم أجد خلال الدراسة اي تسجيلات صوتية لأي من المتخصصين سواء في مجال التغذية أو النباتات، أو الصيدلة، كلها لأشخاص غير معروف هويتهم..
هل تتخيلوا معي أحد هذه التسجيلات يطالب الناس بخلط الكلور بالملح بالخل
ثالثا...
إن كثرة الإرشادات والتحذيرات بشكل غير منتظم ودقيق، قد يؤدي بمرور الوقت إلى زيادة حدة القلق والتوتر، ومن ثم سيادة حالة من الخوف لدى الافراد، الذي قد يصل الى حد الهلع ، ومن ثم التأثير السلبي على افكارهم ومستويات العاطفة لديهم وفي النهاية التأثير السلبي على سلوكياتهم وتصرفاتهم، الأمر الذي لابد أن يكون واضحا لدى الجهات الرسمية المسؤلة.
رابعا..
تضمنت الكثير من الرسائل التحذيرية صور وأرقام وبيانات تخص الدول الأوروبية التي اجتاحها كورونا، دون مراعاة للخصائص الحضارية والطبيعة النوعية لمجتمعنا المصري، وكذلك لمدى تطور المرض فيه، ولاشك أن هذه المطابقة بيننا وبين الدول الاخرى، قد يزيد من حدة القلق بشكل زائد دون أدنى داع لذلك.
اخيرا وليس بآخر....
اذا كانت الحكومة المصرية قطعت شوطا كبيرا في الاونه الأخيرة في مواجهة الشائعات ورصدها وكيفية الرد عليها بشكل علمي مدروس، فقد آن الأوان للقيام بمجهود مماثل في الرسائل التحذيرية المرتبطة بمرض كورونا، ومطالبة المتخصصين في كافة المؤسسات العلمية والبحثية، بضرورة التوعية العلمية الدقيقة بكيفية المواجهة، بدل من ترك الأمر لكل من هب ودب للقيام بهذه المهمه، حيث ان هذا المطلب يمثل أهمية قوميه، لا تقل أهمية عن مواجهة الشائعات الدينية والاقتصادية والسياسية..
لا سبيل للارتقاء المجتمعي، الا بإسناد الأمر لأهل العلم والتخصص في كل مجالات الحياة .
حفظ الله مصر والمصريين من كل شر وسوء ...