من أظرف الناس الذين يمكن أن تقابلتهم فى حياتك هم سائقو التاكسى وفى كثير من الأحيان عندما أتكاسل عن إخراج السيارة أو لعدم وجود مواقف فى الجهة التى أقصدها فأفضل ركوب التاكسى وليس الأوبر لسماع والتحاور مع فئة عريضة من الناس تقوم دائما بنقل أحاسيس وتطلعات ورغبات واحباطات الناس فكل من صادف وركبت معهم التاكسى مثقفون للغاية وآذانهم على الأخبار ومطلعون على الأحداث بل ومنهم الكثير من المتعلمين وأصحاب الوظائف الذين يسعون لزيادة دخلهم بالحلال فتسمع منهم الهموم والمشاكل التى يواجهونها فى أعمالهم وينقلون إليك أيضا معاناتهم مع الجهات الرسمية فى تجديد التراخيص وتعنت بعض أمناء الشرطة معهم وكذلك متاعبهم مع الركاب وتجد أن مجمل الحديث ينقل لك صورة واحدة هى عدم كفاية الأجرة التى يتقاضونها من الركاب واللبيب بالإشارة يفهم.

أما أحاديثهم فى الأمور السياسية فلا تقل وعيا عن أباطرة السياسة والمتبحرين فى علومها والخبراء الاستراتيجيين كما وجدت لدى معظمهم حسا وطنيا عاليا وادراكا بالإخطار والمؤامرات الدولية المحيطة بمصر وعادة ما أناوش بعضهم بالحديث عن أداء الحكومة فتجد معظمهم غير راض عن الأداء الحكومى ومر الشكوى من التعقيدات والروتين وكثرة الأوراق التى تطلب عند انجاز أى معاملة حكومية ولكن هناك اجماع على أن الشهر العقارى هو أسوأ مؤسسة حكومية على الاطلاق ويحتل المرتبة الأولى يليها إدارات المرور وتجديد التراخيص ولكن معظمهم يقدرون بشدة جهود الرئيس فى التنمية والتعمير وانشاء الطرق والكبارى والانفاق والمشروعات الكبيرة وأعرب بعضهم عن عدم شعورهم بأثر تلك المشروعات عليهم بعد والحديث عن الاقتصاد ينصب فقط على ارتفاع أسعار المحروقات وأيضا السلع الغذائية وفواتير الكهرباء وأقر بعضهم بسرقته للتيار أو التحايل على العداد التقليدى والشكوى الموحدة هى عدم كفاية الدخل للوفاء بمتطلبات المعيشة الضرورية واجتماعيا ينتقد معظمهم حفلات المجون فى الساحل الشمالى وحفلات المطربين الشباب التى يحضرها عشرات الآلاف والعجيب أنهم يحبون محمد رمضان ويعتبرونه منهم ومعظمهم موسوعة فى كرة القدم وأسماء اللاعبين ولا يعرفون أى لعبة سواها ولا يخلو الأمر من نوادر بعضهم فكتب أحدهم أن سأله السائق عن مهنته فإجابة أنه دكتور فرد السائق بأن الأطباء هم أساس البلاء والأمراض فقاطعه الراكب موضحا أنه دكتور فى أمراض الوراثة فرد عليه بأن البلاء كله فى قوانين الوراثة وطول أمدها فى المحاكم فأوضح له أنه متخصص تحديدا فى تحسين جينات الزراعة فرد السائق أن الزراعة فى أسوأ حالاتها وطعمها مبيدات.

المهم أن يهاجم بدون فهم, وحدث أن أراد رئيس جمهورية سابق ورئيس وزرائه معرفة نبض الشارع فاستقلا أحد سيارات الاجرة وسال الرئيس السابق السائق عن رايه فى رئيس الدولة ورئيس الوزراء فرد عليه السائق فورا أن الاثنين زفت وعندما نظر فى المرآه تعرف عليهما فبادر فورا بأن الثلاثاء ممطر أما الاربعاء فسيشهد تحسنا فى درجات الحرارة,عموما ان أردت معرفة نبض الشارع فاركب تاكسى.