مقالات

المهندس السيد طوبا يكتب: مسلة النصر

خط أحمر

أثناء عملى فى قطاع الأعمال العام رئيسا لإحدى شركات الإسكان وإيمانا منى بمقولة الرئيس أن نفكر خارج الصندوق وبحكم خبرتى كمهندس معمارى ونتيجة الزيارات المتكررة لدبى ومنطقة برج خليفة فقد هالنى كم السياحة المتدفق لمنطقة البرج والبحيرات والأسواق التجارية الضخمة وكذلك الأثر الذى خلفه برج خليفة فى المنطقة المحيطة والتى تحولت بفضل إنشاء البرج إلى أرقى وأغلى منطقة فى مدينة دبى وربما العالم أجمع فشعرت بالغيرة وتعجبت لماذا لا ننشئ برجا فى مصر يضاهى برج خليفة فى الارتفاع والجمال بل وأعلى وأيضا احياء المنطقة المحيطة به لتصبح نقطة جذب وتكون بها كافة الخدمات السياحية والفندقية والسكنية والإدارية والترفيهية وهدانى تفكيرى الساذج إلى أن انشاء مثل هذا البرج سيكون الموقع الأفضل له هو العاصمة الإدارية الجديدة لأنها مدينة ناشئة وتحتاج إلى علامة مميزة وفارقة لجذب الاستثمارات واحياء المدينة الجديدة بل وتجعل المطورين يتسابقون على شراء الأراضى المحيطة بالبرج.

وفكرت فى استلهام شكل البرج من المسلة المصرية العتيقة والمتأصلة فى التاريخ المصرى القديم وقمت مع فريق العمل الفنى المساعد لى باعداد الفكرة المبدئية للمشروع وقدمتها لرئيس الشركة القابضة آنذاك وقمت بعرضها على الجمعية العمومية للشركة ولاقت كل ترحيب واستحسان ولكن أثير وقتها سؤال جوهرى هل يمكن لشركة قطاع أعمال انشاء مثل تلك الفكرة المجنونة بتكاليفها الباهظة وبالقطع فإن الإجابة هى لا ولكن أيضا لأنى صدقت مقولة التفكير خارج الصندوق فقد قمت بالتواصل مع مجموعة من المطورين وصناديق الاستثمار والشركات الصينية العملاقة المتخصصة فى بناء ناطحات السحاب لتمويل المشروع.

وفى نفس الوقت انتهزت فرصة زيارة أحد رؤساء الوزارة السابقين لمقر إحدى الشركات التابعة لقطاع الأعمال وتحينت اللحظة التى يمكن لى التحدث اليه فى هذا المشروع العملاق وللأمانة وجدت منه كل الترحيب والدعم بل وطلب منى مذكرة شارحة للمشروع مع الفكرة المبدئية لعرضها على مؤسسة الرئاسة ولم تمض أيام إلا واستلمت خطابا من مستشار الرئيس بالموافقة المبدئية على المشروع وضرورة مراجعة رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة لمناقشة الموقع والتفاصيل وشعرت وقتها بكل الفرح والسعادة أن مؤسسة الرئاسة قد قدرت تلك الفكرة المجنونة خاصة أنى حصلت على موافقة شركة صينية عملاقة ومتخصصة فى مثل تلك الانشاءات العالية لتمويل البرج وقمت بالتواصل مع رئيس شركة العاصمة الجديدة وعرض الفكرة عليه وكونه مطورا عقاريا من القطاع الخاص(فى ذلك الوقت) فقد رحب جدا بالفكرة وطلب إجراء دراسات جدوى اقتصادية لعرضها على مجلس ادارة الشركة مع استعداده للمشاركة بالأرض فى هذا المشروع واستعداده أيضا لتذليل كافة الصعاب للحصول على تصاريح بالارتفاع المطلوب والذى يتجاوز الألف متر وعلى أثرها قمت بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية مع أحد المكاتب العالمية المتخصصة.

كما قمت بتطوير الفكرة مع مجموعة من الشباب المصرى الواعد واعداد فيلم ترويجى يشرح الفكرة ولكن حدث مالم يكن فى الحسبان فقد تم تغيير رئيس شركة العاصمة الجديدة وعندما قمت باعادة العرض على الرئيس الجديد رفض رفضا تاما المشاركة بالأرض كوعد الرئيس السابق أو حتى بجزء منها وعرض بيع الأرض بالأسعار السائدة بالاضافة الى علاوات الارتفاع مما أفسد دراسة الجدوى بالكامل وحاولت كل جهدى اقناع الرئيس الجديد بأهمية وجود مثل هذا الصرح العملاق فى ترويج العاصمة الادارية محليا وعالميا ولكن باءت كافة محاولاتى بالفشل خاصة أن قامت الحكومة وقتها بالترويج لمشروع أعلى برج فى أفريقيا فكيف يتم أيضا ترويج فكرة أعلى برج فى العالم فى ذات الوقت فاقترحت نقل المشروع الى غرب القاهرة بجوار مطار سفنكس الجديد ولكنى لم أجد آذانا صاغية بل وانقلب كل من دعمونى فى السابق لإلغاء الفكرة ونسيان الموضوع ولا أدرى هل لشعور بعضهم من الخوف على كراسيهم ووأدا لكل الأفكار الجديدة خارج الصندوق وللأسف تم طى الفكرة ووضعها فى الأدراج وشعرت بالحسرة على الجهد والفكر المبذول فى هذا المشروع والذى لم يكن سيكلف الدولة مليما واحدا.

كما حزنت أنى صدقت أنه يمكن لانسان أن يفكر خارج الصندوق فى بلدنا عموما الفكرة بتفاصيلها موجودة ولا أرغب فى نسبها لنفسى أو وضع اسمى عليها لأنها تخص الشركة التى شرفت برئاستها والمملوكة بالكامل للدولة وحدها ومن يرغب فى احياء الفكرة فسوف يسعدنى أن أكون على أتم الاستعداد لتقديم كافة العون والدراسات له دون مقابل شريطة تنفيذها ولا يسعنى سوى تذكر مقولة الشيخ الطريفى: أكثر الذين انتكسوا عن الحق لم يكونوا أصلا عليه فى باطنهم ولكنه وافق هواهم فى يوم فاتبعوه ولما تغير الهوى الى غيره تركوه.

المهندس السيد طوبا مسلة النصر خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة