الأصل في ميدان التحكيم هو السرية لا العلانية حيث أن العلانية بوصفها ضمانة من ضمانات العدالة قد تؤدي إلى الإضرار بالتجار إن كانت تؤدي إلى إفشاء أسرارهم  الصناعية أو التجارية التي يحرصون على بقاءها طي الكتمان وتعد السريةإحدى الأسباب التي تدفع الأفراد لاختيار التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة عن علاقاتهم التجارية باعتبارها جزء من رأسمالهم  كعقود نقل التكنولوجيا والمعرفة الفنية في مجالات تصنيع الأدوية وتصنيع الأقمار الاصطناعية.

وتتخذ السرية عدة أشكال منها سرية المداولة وسرية حضور الجلسات وسرية المناقشات و المرافعات وكل ما يطلب الخصوم الاحتفاظ بسريته ويحرص المحكم على حل المنازعات بأقل قدر ممكن من العلانية وتؤكد على مبدأ السرية العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي، وأنظمة الهيئات الدولية للتحكيم وكذلك التشريعات الوطنية ذات الصلة.

 والالتزام بالسرية لا يقتصر فقط على مرحلة خصومة التحكيم وإنما يمتد إلى ما بعد صدور الحكم فلا يجوز نشر حكم التحكيم إلا بموافقة طرفي التحكيم . كما أن الالتزام بالسرية ليس مطلقاً حيث ترد بعض الاستثناءات على مبدأ السرية منها : نشر حكم التحكيم بموافقة طرفيه وكذلك فإن حكم التحكيم يفقد سريته بدعوى البطلان أمام القضاء وكذلك عند اكسائه صيغة التنفيذ ، ومع ذلك كله فإن هذا لا يعد كافياً للمحافظة على السرية التي ينشدها الأطراف عند اللجوء إلى التحكيم فهناك مازال بعض الثغرات التي لم يعالجها قانون التحكيم كما لو تم إفشاء أسرار التحكيم من قبل أحد أطرافه أو إذا قام أحد الأطراف بنشر بعض الوثائق والمستندات المتعلقة بالتحكيم وغيرها من الإجراءات والضمانات اللازمة للإحاطة بالسرية الكاملة للتحكيم وأطرافه.

ومن واقع التجربة، هناك من ينادي أطراف التحكيم بوضع شروط السرية المتعلقة بالأسرار التجارية والمعلومات السرية في قلب اتفاق عقد التحكيم. ووضع كل الضمانات والشروط التي يرونها لحماية أنفسهم كل الحماية وأيضا ما يعمل على تحصين التحكيم وهيئة التحكيم.

كما يجب على الأطراف منح الحق لهيئات التحكيم لاستخدام سلطاتها في الحفاظ على السرية المطلوبة، وللاستمرارية، كذلك من المستحسن منح هذا الحق للجهات المختصة الأخرى ذات العلاقة لممارسته عند انتهاء مهمة التحكيم وتقديم القرار النهائي.