كتب أب إلى أبنائه الرسالة التالية: إلى أحب البشر إلى قلبى إلى أبنائى الغاليين, أبدأ أولا بالاعتذار منكم عن أى تقصير صدر منى عن غير قصد فى حقوقكم فظروف الحياة الصعبة والمنافسة الشرسة أجبرتنى على الانغماس فى العمل بحثا عن حياة كريمة للأسرة التى أنتم ركائزها وربما لبحثى المستمر عن التطوير والتعليم ومحاولة اللحاق بركب الحياة المتسارع وشغفى بالعمل المتواصل قد استغرق معظم وقتى وجعلنى أشعر بالذنب نحوكم لعدم قضائى الوقت الكاف معكم وربما الانشغال عن حضور أعياد ميلادكم وحفلات تخرجكم لكنى أصدقكم القول أن شعورى بالندم كان يقابله حب جارف لكم وسعى مستمر لتوفير أفضل مدارس التعليم وتهيئة أحسن سبل المعيشة الكريمة لكم وربما عوض غيابى عنكم لفترات طويلة وجود أمراة عظيمة قامت فى كثير من الأحيان بدور الأب وألأم وتحملت غيابى المستمر فى العمل والسفر فنهلتم من حنانها الكثير ولكن عزائى الوحيد يتمثل فى تخرجكم من أفضل المدارس والجامعات وحصولكم على أعلى الدرجات وأيضا استكمال الدراسات العليا والتى أصبح لا غنى عنها الآن لزيادة أعداد الخريجين لدرجة أشعلت المنافسة على كافة الوظائف وأصبح البقاء فيها للأصلح والأستمرار فيها لمن تسلح بالعلم والدورات المستمرة لتطوير ملكاته وامكانياته وربما لم يكن ذلك موجودا على عصرنا فكان معظمنا يكتفى بالشهادة العليا فقط ولكن الانفجار السكانى الذى حدث بمصر وسياسة التعليم الفاشلة قامت بتفريخ عشرات الآلاف من الخريجين بدون رغبتهم فى غير أماكنهم لذلك أوصيكم خيرا بالتعليم ثم التعليم ثم التعليم كونه أفضل سلاح تتسلحون به فى عالم ومستقبل لن يعترف الا بالأفضل لأنه وكما تعلمون فلا قيمة لإنسان إلا بعلمه وخلقه وبالتأكيد أتمنى منكم غفران تقصيرى بحقكم ولكن أعترف لكم بأن أسعد أيام حياتى يوم تشريفكم لدنياى وأروع أوقات مرت بعمرى تلك الأجازات الجميلة بصحبتكم وأتذكر جيدا أول مرة نطقتم فيها باسمى وتمكنكم من المشى والنوم فى أحضانى لليال طوال ولا يمكن أن أنسى اختياركم لى فى السفر وأنتم أطفال دونا عن والدتكم باصطحابكم الى دورات المياه سواء للاستحمام أو قضاء الحاجة والتى كانت تسعدنى كثيرا كما كنت أفتخر دائما بتفوقكم فى دراستكم و أخلاقكم الحميدة ومحبة الناس لكم ولكن مع قرب غروب شمس الحياة فقد وجدت أنه من الواجب على أن أوصيكم خيرا بوالدتكم والبر بها ورعايتها فى صحتها وسقمها لأنها قامت بدور أهم منى فى تنشئتكم على المبادئ والقيم والخلق القويم كما أن الله قد خصها بأفضلية عن الأب بثلاث درجات خصوصا اذا غيبنى الموت عن حياتكم كما أوصيكم خيرا بصلة رحمكم وأن تستمروا فى التواصل والسؤال عن أقاربكم وأهلكم لثوابها العظيم عند الله كما أرجوكم بالتمسك بدينكم وقيمكم وأخلاقكم الحسنة لأن ذلك سيكون أفضل ميراث أتركه فى الحياة ولا تنسوا استمراركم فى التعلم والتطوير مهما تقدم بكم العمر فعجلة التطور يزداد قطرها وتتسارع حركة دورانها ولا بد من أن تكونوا على قدر التطور الحادث وأتمنى أن تتمسكوا بصلاتكم وأركان دينكم الحنيف مهما كانت درجة انشغالكم بالعمل أو الزوج أو الأولاد فتحل بركات المولى عليكم ويكلل عملكم بالنجاح والتوفيق والبركة وتيقنوا من حقيقة دامغة فى الحياة فما من مخلوق يتمنى أن تكونوا أفضل منه سوى الأب والأم فقط من دون البشر جميعا وأوصيكم  بالبر بى وبوالدتكم وأن تترحموا على بعد مغادرتى للحياة وأرجو الا تحزنوا لغيابى فتلك سنة الحياة والموت حقيقة واقعة لم يتأخر عنها أحد ولم يتهرب منها مخلوق لذلك اذكرونى بالخير حيا وميتا وأخيرا لكم خالص محبتى وقبلاتى وتمنياتى لكم بالتوفيق.

انتهت الرسالة المضحكة الحزينة.