المهندس السيد طوبا يكتب: من سيدفع الحساب؟


بالتأكيد أن معظمنا قد شاهد وسمع حديث وزير المالية مع احدى القنوات التليفزيونية حيث صرح سيادته بأن فوائد القروض تبلغ 541 مليار جنيه وهناك أيض 276 مليار جنيه تمثل الأقساط وباجمالى قدره 817 مليار جنيه فى حين أن إجمالى الموازنة يبلغ 989 مليار جنيه وهنا سأله المذيع أن ما سيتبقى له حوالى مائة مليار جنيه فكيف سيدبر أمور الدولة بذلك المبلغ الضئيل فأجاب الوزير أن المتبقى أقل من مائة مليار لذلك سأستدين مرة أخرى فهل يعنى هذا أننا سنقضى بقية حياتنا وحياة أبنائنا واحفادنا مدينين ولطالما نادى بعض الاقتصاديين بضرورة التعقل فى الانفاق وضرورة مضاعفة الدخل القومى والحد من القروض الخارجية وتقليل الدين الداخلى لكن يبدو أنهم فى واد والحكومة فى واد آخر فما أن تطالعنا الصحف إلا ونرى السيدة وزيرة الاستثمار توقع قرضا خارجيا آخر كما لا زالت الحكومة تقترض من البنوك ومع التوسع العمرانى الهائل فى الطرق والكبارى والأنفاق والمدن الذكية الجديدة والمعاشات وغيره بل ويعلن السيد الرئيس أن ما أنفق على المشروعات القومية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة يفوق المائتى مليار دولار.
وهنا لا بد من وقفة مع النفس ومصارحة الشعب بالحقيقة فكيف ستقوم الحكومة بسداد تلك الديون المتراكمة والمتزايدة وما هى خطتها لذلك أم ستترك تلك الديون لخلفها والأجيال القادمة وهل تمت دراسات جدوى اقتصادية لجميع المشروعات التنموية الضخمة التى أنشأتها الحكومة؟ وبالرغم من بساطة وسذاجة السؤال الا أنه أصبح ضرورة حتمية وملحة وبالتأكيد نعلم جميعا أن هناك تزايد سكانى هائل لم تستطع الحكومة توظيفه على الوجه الاستثمارى الأمثل مثلما فعلت الصين فأصبحت أكبر مصنع فى العالم لكافة الشركات الكبرى من جميع دول العالم كما لم تنجح الحكومة فى خلق فرص استثمارية حقيقية مستغلة الجو المعتدل على مدار العام ولا طول الشواطئ المترامية على البحرين المتوسط والأحمر ولا استغلال البحيرات استغلالا استثماريا ناهيك عن شريان الحياة نهر النيل وبالرغم من امتلاكنا لثلث آثار العالم إلا أن المعروض منها والمنهوب لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من المدفون تحت الثرى فكيف استعدت وزارة السياحة لاستغلال هذا الكنز الاستراتيجى الهائل الذى وهبنا الله إياه ولم نحسن استغلالة فإذا أضفنا الثروات الطبيعية من غاز ومعادن ورمال ومياه كبريتية وغيرها فيقف عقلى القاصر عن فهم الأمور ويسأل هل كنا نحتاج فعلا كل هذه الثورة العمرانية أم كان يمكن تنفيذها على مراحل وهل كان يمكن الاستثمار فى التعليم وبناء الانسان بتكلفة أقل كثيرا من انشاء المدن الجديدة وبحيث نكون ثروات بشرية تستطيع خلق فرص استثمارية حقيقية ومشروعات ذات جدوى اقتصادية مدروسة وسداد الديون الداخلية والخارجية مثلما فعلت اليابان وماليزيا.
فرحة المشروعات الجديدة ونشوة التصفيق والتهليل قد أعمتنا عن ادراك حقيقة الأمور والتساؤل من أين أتت تلك المبالغ الهائلة ومن سيقوم بسداد الحساب؟..ويقول نورمان بيل أن مشكلة معظمنا أننا نفضل ان يدمرنا المديح على أن ينقذنا الانتقاد, ومن وجهة نظرى المتواضعة فقد آن الأوان أن يتولى رئاسة الحكومة اقتصاديون لتدارك ما فعلته الحكومات السابقة وايجاد حلول اقتصادية واستثمارية لسداد الديون وفوائدها وأقساطها التى تلتهم الجزء الأعظم من الدخل القومى والأهم من ذلك ما يثيره دائما رجل الشارع عن الفائدة التى لحقته واسرته من جراء تلك المشروعات العمرانية العملاقة وزيادة معدلات النمو فى حين ما زال يعانى من توفير دخل مناسب يؤمن له عيشة كريمة وربما نجد فى التعديل الوزارى من لديه الشجاعة للاجابة على تلك الأسئلة.