الحسيني الكارم يكتب: ماذا لو نتذكر الجانب الأخلاقي في الأديان والتعايش الروحي والقلبي ليس خطب تقال كل يوم


ماذا لو تم تخصيص وتوجيه الخطب في كل المساجد و الدروس في المدارس و توعيه الأسر عن كيفية المعاملة بين بني البشر كما يجب أن تكون وكما جاءت في جميع الشرائع السماوية، نعم الدين معاملة، كلنا نعلم أن الإسلام بني على خمس ، الشهادتين وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
لماذا لا نخصص ونوجه كل الخطب والدروس إلى الحديث عن النظام والنظافة والأمانة والإخلاص وصلة الأرحام بجانب ثواب وعقاب الصلاة والصوم والزكاة.
نعم الدين معاملة ليست عبادات فقط، عندما نحث ونقوي شبابنا ونغزي عاداتنا وتقاليدنا بل ننشئ نشء من أول وجديد ونخرج قدوات، لماذا لانحكي عن المعاملات في الأسرة كيف كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعامل مع أسرته وأصحابه وجيرانه وكيف كان سماحة الرسول صلي الله عليه وسلم في كل معاملاته مع أسرته وزوجاته وأولاده واحفاده ومع جيرانه وفي البيع والشراء حتى مع الغير مسلمين.
عندما نسمع أن بر الوالدين وطاعتهما وقدر اهميتهما أكثر من الاعتكاف في المسجد، حبك ورعاية أسرتك كانت من الأم أو من الأب قدر الرعاية الواجبة لأولادنا فرد علينا، ولابد أن نعلم كما يوجد بر وعقوق للوالدين أيضا يوجد بر وعقوق تجاه أولادك، وكيف وجب علينا الاهتمام بالنظافة شخصية كانت أو نظافة عامة في سلوكياتك ونظافتك في الشارع وخارج منزلك ومدي تأثيرها والأذي وكيف نهانها عنها الإسلام.
في التجارة عندما نسمع رجل سافر في تجاره لبلاد السند أو الصين ودخل السوق ليشتري حصانا وسأل البائع عن ثمنه ويخبره أنه بمائة درهم ويأخذ الحصان ويمشي به ويرجع فيعطي التاجر مائتين وليس مائة فيقول له التاجر اخبرتك بسعره مائة من قال لك مائتين فيرد ويقول الله ربي وربك ويخبره أن ثمنه يساوي مائتين وأن الله قال لنا لا تبخثو الناس أشيائهم، فيرد الرجل دلني علي الله فينطق الشهادة ويدخل الإسلام هو وقومه.
وسيدنا عمر ابن الخطاب يببع فرسه الذي انهك من الغزوات وهو يبيعه لرجل غريب ويسأله لماذا السعر قليل فقال له إنه في عطب في المشي وتنفر في الأكل ولا تلد هكذا نعرف، ونعرف العالم أن الإسلام انتشر بالمعاملات أكثر من الغزوات والسيف، وحتي في معاملاتنا مع الحيوانات الرجل الذي اسقي كلبا يلهث من العطش، والمرأة التي تدخل النار من أجل تعذيب قطة، وترويع الحيوانات والطير ما بالك بالإنسان، يعني حتي معاملتنا مع الحيوانات أيضا.
هل تعلم ماذا كان يؤمرنا به رسول الله صلي الله عليه وسلم عن حقوق الحيوان من أهمِّ الحقوق التي أصَّلها رسول الله للحيوان عدم إيذائه؛ فقد روى جابر أن رسول الله مرَّ على حمار قد وُسِمَ في وجهه، فقال: «لَعَنَ الله الَّذِي وَسَمَهُ[1]»[2]. وفي رواية له قال: "نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنِ الضَّرْبِ فِي الْوَجْهِ وَعَنِ الْوَسْمِ فِي الْوَجْهِ"[3]. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «لَعَنَ النَّبِيُّ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ» [4]. وهذا يعني أن إيذاء الحيوان وتعذيبه وعدم الرفق به يُعتبر جريمة في نظر الشريعة الإسلاميَّة، وكذلك شرع رسول الله في تأصيله لحقوق الحيوان: تحريم حبسه وتجويعه، وفي ذلك يقول الرسول: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ؛ لَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَسْقِهَا، وَلَمْ تَتْرُكْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ»[5]، وروى سهل ابن الحنظلية قال: مرَّ رسول الله ببعير قد لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ[6], فقال: «اتَّقُوا اللهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْمُعْجَمَةِ، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً, وَكُلُوهَا صَالِحَةً»[7]. كما أمر رسول الله أن يُستخدم الحيوان فيما خُلِقَ له، وحدَّد الغرض الرئيس من استخدام الدوابِّ، فقال: «إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ[8]؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ»[9]. ونهى رسول الله عن اتخاذ الحيوان غرضًا، فها هو ذا ابن عمر يمرُّ بفتيانٍ من قريش قد نصبوا طيرًا وهم يرمونه، فقال لهم: لعن الله مَنْ فعل هذا؛ إِنَّ رَسُولَ اللهِ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا
نعم نجد هذا ما أمرنا به الإسلام حتى في معاملة الحيونات ما بالك بمعاملة أخيك أو جارك أو الإنسان نفسه عليه وله الأمان والسلام، نهانا عن الجلوس في الطرقات ، وأن وجب لأي سبب فغض البصر والسلام ورد السلام ونجدة المحتاج ومساعدته، ورفع الأذي عن الطريق، وأن الإيمان بضعة وسبعون شعبة أعلي درجاتها لا إله إلا الله وأدنها رفع الأذى عن الطريق بكل أنواعه حتى لو بنظراتك أو بكلامك.
تجد صفات و معاملات من أكثر من 1400 سنة موجودة في تراثنا وتاريخنا وليست دخيلة علينا عن طريق الغرب بثقافته وعاداته التي دخلت علينا واتلفت ما هو باقي، لابد أن نذكر الجانب الأخلاقي في الأديان والتعايش الروحي والقلبي ونركز عليها ليس خطب ودروس تقال كل يوم.