صابر سكر يكتب: تحريض إسرائيل ضد مصر بين الشائعات والتخطيط الاستراتيجي


كشف العقيد المتقاعد دوغلاس ماكجريجور، المستشار السابق لوزارة الدفاع الأمريكية، عن رؤية استراتيجية تشير إلى استعداد الجيش المصري لاحتمال خوض معركة في الشرق الأوسط ووفقًا لماكجريجور، فإن هناك محاولات داخل الولايات المتحدة وإسرائيل لتصوير مصر كدولة مارقة تهدد أمن المنطقة، في حين أن القاهرة ملتزمة بتعهداتها الدولية وتتجنب الانجرار إلى مغامرات عسكرية غير محسوبة.
ماكجريجور هو شخصية ذات ثقل في الأوساط العسكرية والاستراتيجية الأمريكية، حيث كان أحد القادة الميدانيين في حرب تحرير الكويت عام 1991، وساهم في التخطيط لحملات عسكرية كبرى مثل قصف يوغوسلافيا عام 1999، والغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، ثم العراق عام 2003. ورغم ترشيحه لمنصب سفير الولايات المتحدة في ألمانيا، فقد قوبل بالرفض من مجلس الشيوخ، ومنذ عام 2017 أصبح محللًا عسكريًا بارزًا في شبكة فوكس نيوز.
سيناريو المواجهة العسكرية بين مصر وإسرائيل
تشير التقارير إلى وجود تكهنات بشأن استعدادات عسكرية مصرية لمواجهة إسرائيل، في حال تطور الوضع الإقليمي إلى صدام مباشر. وتشمل هذه السيناريوهات استهداف أنظمة الدفاع الإسرائيلية، والتقدم السريع نحو المنطقة الجنوبية من غزة، ثم التحرك نحو تل أبيب. ومع ذلك، فإن المعطيات الحالية تجعل وقوع مثل هذه الحرب أمرًا غير مرجح، خاصة في ظل الانهيار المستمر للجبهة السورية وعدم استقرار الأوضاع في دمشق.
التحريض الإعلامي ضد مصر
منذ فترة، ظهرت مزاعم بأن مصر تقوم بتمويل وتسليح حركة حماس، وهي محاولة لجر القاهرة إلى عقوبات دولية تستهدف تمويل الحركة الفلسطينية. كما تعمل بعض مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الغربية على ترويج فكرة أن مصر تمثل تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل، وذلك ضمن حملة تهدف إلى تضييق الخناق على القاهرة سياسيًا واقتصاديًا.
من بين الشخصيات التي تلعب دورًا في هذه الحملة، يظهر اسم رون ديرمر، وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، والذي يشرف حاليًا على العلاقات مع الدول العربية وأمريكا. تشير التقارير إلى أن ديرمر عقد اجتماعًا سريًا مع مسؤول أمني مصري في القدس المحتلة خلال شهر فبراير الماضي، حيث أبلغ المسؤول المصري نظيره الإسرائيلي رفض مصر القاطع لفكرة نقل سكان غزة إلى سيناء، محذرًا من أن الإصرار على هذا المخطط قد يؤدي إلى مواجهة عسكرية شاملة.
ترامب والموقف الأمريكي الجديد من غزة
عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للحديث عن غزة مؤخرًا، مؤكدًا أنه لا يؤيد طرد الفلسطينيين من القطاع. وبينما يستخدم ترامب أسلوب التصعيد الإعلامي في التفاوض، فإن هذا التصريح يشير إلى وجود تغير في الخطاب الأمريكي تجاه الأزمة. وتزامن هذا مع تحسن العلاقات بين القاهرة وواشنطن بعد اعتماد الدول العربية للمبادرة المصرية حول القضية الفلسطينية.
الكارثة الإنسانية في غزة والصمت الدولي
في خضم هذه التحولات السياسية، تواصل إسرائيل انتهاكاتها ضد الفلسطينيين، حيث قامت بقطع الكهرباء عن قطاع غزة، مما أدى إلى توقف محطة تحلية المياه الرئيسية، وزيادة معاناة السكان، خاصة مع استمرار الدمار الناتج عن الحرب المستمرة منذ 15 شهرًا. ومع ذلك، لم يصدر أي تحرك جاد من المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتس ووتش أو العفو الدولية، ما يسلط الضوء على ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية.
المشهد في سوريا والعراق واليمن: إعادة رسم الخرائط السياسية
إلى جانب التصعيد في فلسطين، تلقي الأحداث في سوريا والعراق واليمن بظلالها على المنطقة. ففي سوريا، هناك تحركات سياسية مشبوهة تهدف إلى إعادة تشكيل النظام السياسي، مثل الاتفاق بين النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشرق، والاتفاق مع الدروز في الجنوب، ما قد يمهد لتقسيم البلاد على أسس فيدرالية.
أما في العراق، فهناك حديث متزايد عن تقسيم البلاد، حيث بدأ قادة شيعة مدعومون من إيران، مثل نوري المالكي، في الترويج لفكرة استقلال الجنوب العراقي الغني بالنفط، في محاولة للحفاظ على النفوذ الإيراني في المنطقة. ويأتي هذا التحول بعد تراجع السيطرة الإيرانية في سوريا ولبنان وغزة، مما دفع طهران إلى تغيير استراتيجيتها من السيطرة الكاملة إلى دعم الكيانات الانفصالية.
الخاتمة: مصر وحماية الأمن القومي العربي
وسط هذه التحديات، يبقى الموقف المصري ثابتًا في دعم وحدة العراق وسوريا ورفض أي مخططات لتفتيت المنطقة. كما تؤكد القاهرة أنها لن تنجر إلى مواجهات عسكرية غير محسوبة، لكنها في الوقت ذاته لن تسمح بأي تهديد مباشر لأمنها القومي، سواء عبر مخططات تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو محاولات زعزعة الاستقرار الإقليمي.
في ظل استمرار التحريض الإسرائيلي والتلاعب الإعلامي الغربي، فإن مصر ماضية في حماية مصالحها الاستراتيجية، معتمده علي دبلوماسيتها القوية وجيشها الذي يعد أحد اقوي الجيوش في المنطقة.