مقالات

صابر سكر يكتب: الحوثيون وحظر مرور السفن لصالح من؟

خط أحمر

في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات، أعلنت جماعة الحوثي حظر مرور السفن الإسرائيلية عبر البحر الأحمر، وباب المندب، وخليج عدن.

هذا الإعلان لم يأتِ في سياق تصعيد مباشر بين إسرائيل واليمن، كما أن الهدنة في قطاع غزة لم تنتهِ بعد، فما الدافع الحقيقي وراء هذا القرار؟

ولعلي عزيزي القارئ أرى أن هذه الخطوة ليست إلا جزءًا من ترتيبات أكبر تُرسم في المنطقة، حيث تسير الأحداث وفق مصالح قوى إقليمية ودولية، وليس لمصلحة الشعب اليمني أو الفلسطيني كما تروج الجماعة.

إيران.. اللاعب الرئيسي في المشهد

لطالما كان المرشد الأعلى في إيران المتحكم الفعلي في تحركات وكلائه في المنطقة، وسبق أن تخلى عن حلفائه في أكثر من محطة؛ فحركة حماس لم تعد أولوية، وحزب الله يلتزم بمعادلة الردع الحذر، وسوريا تُركت لمصيرها، واليوم، يبدو أن الدور قد حان لبيع الحوثيين، الذين قد يصبحون ورقة مساومة جديدة في أي صفقة قادمة.

إذا كان الحوثيون مجرد أداة لتنفيذ السياسات الإيرانية، فإن أي تحرك مفاجئ من جانبهم يجب قراءته من زاوية الفوائد التي ستجنيها طهران؛ فهل تستعد إيران لمقايضة نفوذها في اليمن بمكاسب أخرى؟ الأيام القادمة قد تحمل الإجابة.

تحالف الشرعية.. هل يقترب موعد الحسم؟

على الجانب الآخر، تتحرك قوات الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس رشاد العليمي، مدعومة بتحالف واسع يضم قوات الحراك الجنوبي وقبائل الأحمر وقوات من حضرموت، هذا التحالف يقترب من لحظة الحسم في معركته ضد الحوثيين في الشمال، وهو ما قد يدفع القوى الغربية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى تقديم غطاء جوي لهذه العملية، وربما التدخل بغارات جوية مباشرة.

وفي هذه الأثناء، من المتوقع أن يتحرك الشعب اليمني نفسه على الأرض، لتشكيل ضغط داخلي إضافي ضد الحوثيين.

ومع انشغال الجماعة بمغامراتها الإقليمية، قد يكون هذا هو التوقيت المناسب لضربها في الداخل، وإضعاف سيطرتها تدريجيًا على صنعاء والمناطق الشمالية.

هل يمنح الغرب إيران فرصة جديدة؟

إذا صدقت التوقعات بأن الحوثيين على وشك فقدان سيطرتهم على الشمال، فمن الطبيعي أن تبحث إيران عن مخرج يحافظ على نفوذها، وهنا يبرز التساؤل: هل سيتكرر السيناريو الذي شهدناه سابقاً مع نظام الأسد وحزب الله، حيث تم السماح لهما بالبقاء مقابل تنازلات استراتيجية لإيران؟

الإدارة الأمريكية الحالية قد تكون مستعدة لمنح طهران ضوءًا أخضر جديدًا، لكن في حال عودة ترامب إلى الحرب على الحوثيين، قد يكون هناك مقايضة أخرى، تمنح النظام الإيراني عمرًا إضافيًا لسنوات قادمة.

دول وظيفية وأخرى مستقلة.. من يخدم
مصالح العدو؟

هذا المشهد يوضح أن هناك دولًا وظيفية تعمل وفق أجندات محددة لخدمة القوى الكبرى، وحين تنتهي صلاحيتها، يتم التخلص منها بسهولة، وفي المقابل، هناك دول تملك قرارها الوطني وترفض الانخراط في مشاريع التقسيم أو الفوضى.

مصر، على سبيل المثال، كانت ولا تزال نموذجًا للدولة المستقلة التي تدافع عن مصالحها القومية، رفضت التهجير، وحمت سيناء من أن تصبح وطنًا بديلاً، ونجحت في ترسيخ استقرارها الداخلي رغم كل الضغوط. هذا الموقف الصلب يعكس طبيعة الدولة المصرية التي تؤمن بالتنمية المستدامة كوسيلة لحماية أمنها القومي، لا بالمغامرات العسكرية أو الارتهان لأجندات خارجية.

أي مستقبل ينتظر الحوثيين؟

في ظل هذه المعطيات، يبدو أن الحوثيين قد يجدون أنفسهم قريبًا في موقف لا يُحسدون عليه، فإما أن يواصلوا مغامراتهم العسكرية التي قد تسرّع من نهايتهم، أو يتحولوا إلى ورقة تفاوضية في لعبة أكبر. وفي كلتا الحالتين، فإن الخاسر الأكبر هو الشعب اليمني، الذي يدفع ثمن صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.

صابر سكر الحوثيون وحظر مرور السفن لصالح من خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة