مقالات

الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: رمضان وإحياء مشروع الوحدة!!

خط أحمر

ليست المرة الأولى التي أتحدث فيها عن طقوسي الخاصة في شهر رمضان، فعلى عكس الكثيرين الذين يقضون أيام الشهر الفضيل أمام شاشات التلفاز لمتابعة البرامج والمسلسلات، أجد الوقت سامحاً لإنجاز كثيراً من الأعمال العلمية والفكرية المؤجلة، خاصة القراءات فأخصص جزء كبير من الوقت لقراءة الكتب الجديدة التي اشتريتها خلال العام ولم تمكنني ظروف العمل وأعباء الحياة اليومية من قراءتها، وغالباً ما تكون هذه الكتب بعيدة عن مجال تخصصي العلمي، وقبل قدوم الشهر الفضيل أعدت برنامجي الخاص والذي أستغل فيه وقت الصيام الطويل بتقسيمه بين القراءة والكتابة والعبادة حيث تكون الأجواء هادئة والروحانيات في أعلى مستوياتها.

لكن دائماً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فقبل قدوم شهر رمضان بثلاثة أيام داهمتني وعكة صحية شديدة وصاحبها دور برد شديد فقدت على أثره حاستي الشم والتذوق، إلى جانب حالة من تكسير وتهشم العظام، وآلام مبرحة بكل أعضاء الجسم، وارتفاع شديد في درجة الحرارة، وبما أنني مريض قلب وضغط مزمن كان لابد من مراجعة طبيبي الخاص فيما يتعلق بنوعية الأدوية التي يجب تناولها، وبالطبع جاءت قائمة ممنوعات طويلة، وما تناولته هو بعض المسكنات والمضادات الحيوية الخفيفة مع الاعتماد على الاعشاب والمشروبات الدافئة، وبالطبع هذا أطال مدة التعافي، ولازلت حتى كتابة هذه السطور وأنا طريح الفراش ولم أنفذ برنامجي الرمضاني وطقوسي السنوية المعتادة.

لكن رغم شدة المرض لم أعتاد التخلف عن كتابة مقالي الأسبوعي، الذي أطل به على القارئ المصري والعربي منذ سنوات طويلة، واليوم الثالث من شهر رمضان حين طالعت المواقع الإخبارية صباحاً وجدت رسالة موجهة من نداء فلسطين باسم الشعب الفلسطيني إلى القمة العربية التي ستعقد غداً في القاهرة، وهنا تذكرت بعد أن نسيت أنه بالفعل كانت هناك دعوة لقمة عربية طارئة وعاجلة للرد المدوي على ترامب حول تصريحاته الصادمة بخصوص تهجير الشعب الفلسطيني الموجود بقطاع غزة والضفة الغربية قسرياً، والدعوة لتوطينهم قسرياً أيضاً، أولاً بمصر والأردن، ثم ثانياً منحهم قطعة من أرض المملكة العربية السعودية الشاسعة لإقامة وطنهم البديل، ثم ثالثاً سمعنا من الإعلام العبري حكايات حول توطينهم على الأرض السورية بموافقة من الإدارة الجديدة التي تسعى لسلام مزعوم مع العدو الصهيوني.

وجاءت رسالة الشعب الفلسطيني الموجهة للقادة العرب من الملوك والرؤساء والأمراء الذين تأخروا كثيراً في عقد قمتهم الطارئة مؤكدة على أن "قمتكم العتيدة اليوم تنعقد في لحظة تاريخية مصيرية تتعرض فيها القضية الفلسطينية لخطر التصفية مع إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن نيته استملاك قطاع غزة وترحيل سكانه، مؤكدين أن ما فشل العدوان الإسرائيلي – الأمريكي في تحقيقه على امتداد ستة عشر شهراً من حرب الإبادة، وإلقاء أكثر من مئة ألف طن من القنابل الأمريكية على شعبنا في قطاع غزة لن يستطيع تحقيقه بالسياسة والخداع والإملاءات".

ثم قامت الرسالة بتذكير القادة العرب قبل اجتماعهم بأن "شعبنا وأمتنا العربية الذين هزموا صفقة القرن ومشاريع التوطين على امتداد قرن من الزمن، سيتصدون للمشروع الأمريكي – الإسرائيلي التصفوي ويسقطونه بصمود وطني ودعم عروبي أصيل وبقرارات القمة التاريخية التي لابد أن ترتقي لمستوى التحديات والمخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية، وبصوت الأمة العربية الهادر بكل شعوبها العربية والإسلامية التي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية، وبدعم أممي يقترب من نقطة الإجماع في إدانة المشروع الأمريكي الذي يشكل خطراً على الأمن القومي العربي وسيادة دولكم على أراضيها وثرواتها، في جريمة سياسية وقانونية وأخلاقية كبرى ترتكبها الإدارة الأمريكية بحق شعبنا وأمتنا العربية لتصفية القضية الفلسطينية وبناء شرق أوسط جديد تحت الهيمنة الأمريكية – الإسرائيلية ".

واختتمت الرسالة بالدور المنوط بالحكام العرب القيام به حيث أكدت "تطلع شعبنا العربي الفلسطيني لدوركم الكبير في تعزيز اللحمة الداخلية الفلسطينية وإنهاء الانقسام وبناء الوحدة الوطنية رافعة الانتصار وأداة النضال الرئيسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي لمشاريع الضم والترحيل وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها بحق شعبنا في الضفة الغربية بما فيها القدس".

وجعلتني رسالة نداء فلسطين ونحن في أيام شهر رمضان وأنا على فراش المرض تأمل أحوال أمتنا العربية والإسلامية في ضوء المتغيرات التي طرأت مؤخراً، فوجدتني أقول في سري أن شهر رمضان قد جاء هذا العام وأمتنا العربية والإسلامية ليست بخير فقد قام العدو الأمريكي والصهيوني بكسب أرض جديدة في إطار تنفيذ المشاريع الاستعمارية الكبرى لكليهما، الأمريكي بمزيد من التقسيم والتفتيت ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، والصهيوني بمزيد من احتلال الأرض العربية ضمن مشروع إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهذه المشاريع الاستعمارية الأمريكية – الصهيونية ما كان لها أن تتحقق وتنجح إلا بتعميق القطرية على حساب القومية، فغياب المشروع الوحدوي العربي والإسلامي يسهل على العدو تحقيق أحلامه ومشاريعه الاستعمارية، لذلك أوجه كلمة أخيرة للقادة العرب المجتمعيين غداً بالقاهرة، قوتنا في وحدتنا، وعلينا الآن التحرك لإحياء مشروع الوحدة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

مقالات خط أحمر محمد سيد أحمد رمضان خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة