مقالات

الدكتور أحمد عبود يكتب: الجيش المصري صمام الأمان في ظل توترات الشرق الأوسط

خط أحمر

تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخها الحديث، حيث تتنوع الصراعات والتوترات على أكثر من جبهة. من الغرب نجد الفوضى في ليبيا، ومن الجنوب الحرب الأهلية في السودان، ومن الشمال الشرقي الصراع المستمر في غزة. وسط هذه الأزمات، يبرز الجيش المصري كدرع حماية للأمة العربية والإقليمية، وداعم لاستقرار الدولة المصرية، التي تمثل محورًا رئيسيًا في التوازن الجيوسياسي للمنطقة.

الغرب: ليبيا وفوضى ما بعد الثورة

منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، غرقت ليبيا في دوامة من الفوضى السياسية والعسكرية. تعددت الأطراف المتنازعة بين قوات الحكومة الشرعية في طرابلس، والجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، وظهرت الجماعات المسلحة والميليشيات التي تسعى لاستغلال الفوضى لتحقيق مصالحها. أثر ذلك بشكل مباشر على الأمن القومي المصري، خاصة مع وجود الحدود الطويلة المشتركة بين البلدين.

الجيش المصري لعب دورًا مهمًا في مراقبة الحدود مع ليبيا لمنع تسلل الجماعات المسلحة، والحد من تأثير الفوضى الليبية على الأمن الداخلي المصري. كما تبذل مصر جهودًا دبلوماسية لحل الأزمة الليبية بالطرق السلمية، مع التأكيد على ضرورة وحدة الأراضي الليبية واستقلالها بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

الجنوب: حرب السودان وأزمة اللاجئين

جنوبًا، يشهد السودان منذ أبريل 2023 حربًا أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين. الأزمة في السودان لا تشكل تهديدًا على الأمن المصري فقط بسبب قربها الجغرافي، بل أيضًا بسبب تدفق اللاجئين عبر الحدود.

منذ بداية الأزمة، سعت مصر للعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة في السودان، إيمانًا منها بأن الاستقرار في السودان يمثل استقرارًا في المنطقة. كما بذل الجيش المصري جهودًا مضنية لدعم اللاجئين السودانيين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، بالتوازي مع مراقبة الحدود لمنع تسلل العناصر المسلحة أو انتشار الفوضى إلى الداخل المصري.

الشمال الشرقي: غزة والصراع المتجدد

أما في الشمال الشرقي، فإن غزة لا تزال تعيش صراعًا طويل الأمد بين حركة حماس وإسرائيل. تصاعد العنف بين الطرفين من فترة لأخرى يضع مصر في وضع حساس، كونها البلد العربي الوحيد الذي يتوسط بين الطرفين لإنهاء الصراعات وتجديد التهدئة. لعبت مصر دورًا محوريًا في التوصل لعدة اتفاقات تهدئة بين الجانبين، مستغلة علاقاتها الجيدة مع الأطراف المختلفة.

كما أن موقع غزة الحدودي مع مصر يزيد من تعقيد الموقف. الجيش المصري يبذل جهودًا كبيرة في تأمين الحدود مع قطاع غزة، لمنع تسلل العناصر الإرهابية أو تهريب الأسلحة. وبنفس الوقت، يسعى الجيش المصري لإبقاء المعابر الإنسانية مفتوحة لتسهيل دخول المساعدات إلى سكان غزة الذين يعانون من أوضاع معيشية قاسية.

مصر واستراتيجية الحماية

في ظل هذه التوترات المتعددة، يعمل الجيش المصري باستراتيجية متكاملة تشمل الردع العسكري، الدبلوماسية الهادئة، والجهود الإنسانية. تأمين الحدود يمثل أولوية قصوى للجيش المصري، سواء على الحدود الغربية مع ليبيا أو الجنوبية مع السودان أو الشمالية الشرقية مع غزة. لا يتوقف الأمر عند التأمين العسكري فقط، بل يمتد لدعم الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تسعى لإحلال السلام في هذه المناطق.

منذ عقود، كانت مصر القوة الإقليمية الرائدة في المنطقة، وتمكنت من خلال دورها التاريخي في الصراع العربي الإسرائيلي، وفي الأزمات المختلفة التي هزت المنطقة، أن تثبت نفسها كوسيط موثوق به. واليوم، يبقى الجيش المصري الركيزة الأساسية التي تحمي مصر وتحافظ على استقرار المنطقة.

في ظل هذا الوضع المعقد الذي يحيط بمصر من كل جانب، يبقى الجيش المصري القوة التي لا يستهان بها، والتي تضطلع بمسؤولية حفظ الأمن والاستقرار ليس فقط لمصر بل للمنطقة بأسرها. من خلال الجمع بين القوة العسكرية والدبلوماسية الفعالة، يثبت الجيش المصري أنه قادر على مواجهة جميع التحديات، وأن النصر على جميع الجبهات ليس مجرد شعار، بل هو هدف يتحقق بالعمل الجاد والمستمر.

الدكتور أحمد عبود الجيش المصري صمام الأمان توترات الشرق الأوسط خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك القاهرة