الدكتور أحمد عبود يكتب: نهاية نتنياهو بين المسرحيات السياسية والعودة إلى نقطة الصفر
خط أحمرمنذ سنوات طويلة، يتصدر بنيامين نتنياهو المشهد السياسي الإسرائيلي، مُتقمصاً دور القائد القوي الذي يحمي أمن إسرائيل ويقف في وجه أعدائها. في كل مرة يتعرض فيها للضغوط الداخلية أو يواجه اتهامات بالفساد، يلجأ إلى استخدام غزة كورقة يلعب بها، ليؤجج المشاعر الوطنية ويرفع من شعبيته. يبدو أن هذا النهج المسرحي بات متكرراً ومستهلكاً، حيث يفتح جبهة جديدة مع غزة ويعود من حيث أتى بعد أن يكون قد حقق بعض المكاسب السياسية المؤقتة.
نتنياهو والمسرحيات السياسية
في كل مواجهة جديدة مع غزة، يُصوّر نتنياهو نفسه وكأنه بطل قومي يدافع عن حدود إسرائيل، لكن الحقائق على الأرض تُظهر أن هذه العمليات العسكرية المتكررة لا تحل المشكلة جذرياً. بدلاً من ذلك، تبدو تلك المعارك وكأنها عروض مسرحية تتكرر فصولها على حساب حياة المدنيين في غزة وإسرائيل على حد سواء. تنتهي المعارك عادة باتفاقيات هشة للتهدئة، سرعان ما تنهار، ليعود نتنياهو إلى استخدام نفس الأسلوب في وقت لاحق.
أصبحت هذه الحروب القصيرة والمتقطعة سلاحاً في يد نتنياهو للتغطية على مشاكله الداخلية، سواء كانت قضايا الفساد أو عدم الاستقرار السياسي. ومع ذلك، يتزايد استياء الإسرائيليين أنفسهم من هذه المسرحيات السياسية التي لا تحقق أماناً دائماً ولا حلولاً سياسية مستدامة.
غزة: الورقة الرابحة التي تُستنفَد
من الواضح أن نتنياهو يراهن كثيراً على الصراع مع غزة لتأمين بقائه السياسي. ولكن، مع مرور الوقت، بدأت هذه الورقة تفقد فعاليتها. فإسرائيل تعاني من تراكم الأزمات الداخلية، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية. كما أن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن نتنياهو يستخدم هذه الحروب المتكررة كوسيلة لتأجيل الحلول الدبلوماسية الدائمة، مما يجعله يفقد الدعم على الصعيد العالمي.
العودة إلى نقطة البداية
بالرغم من كل محاولات نتنياهو لتكرار نفس السيناريوهات، يبدو أن الزمن ليس في صالحه. المجتمع الإسرائيلي بات يشعر بالإنهاك من هذا النهج الذي لا يجلب سوى الدمار والتهدئة المؤقتة، والشعب الفلسطيني في غزة كذلك يعاني من حروب لا تنتهي. إن المسرحية التي أعدها نتنياهو لغزة على وشك الانتهاء، لكن نهايتها لن تكون بانتصار حاسم، بل بعودة نتنياهو إلى نقطة البداية، حيث سيواجه مشاكله الداخلية دون ورقة غزة التي استخدمها لفترة طويلة.
ختامًا
لن تنتهي "مسرحيات" نتنياهو إلا إذا تغير النهج السياسي في إسرائيل، وتم التوجه نحو حل سياسي شامل. فالحلول العسكرية أثبتت على مر السنين فشلها في تحقيق الأمن الدائم. نتنياهو قد يعود إلى حيث أتى، ولكن تبقى الأزمة قائمة حتى يأتي من يمتلك رؤية مختلفة وجرأة على اتخاذ خطوات جريئة نحو السلام.