مقالات

محمد عبداللطيف يكتب: وثالثهما ”إبراهيم عيسى”

خط أحمر

أسوأ ما فى غرائزنا النفسية والسياسية، الطواف حول خطايانا، شيدنا لها فى أحراش نفوسنا الموبوءة، وخرائب ضمائرنا الميتة، أضرحة ومقامات، نشد الرحال صوب قبلتها، و نتبرك بها، و من فرط "الخيبة القوية"، راح البعض منا يمارسون المجون في أوكارها، وكأنهم يتطهرون !!
اذاً لا عجب، حينما نري في زماننا، الذئب يعتلي المنبرا ، ويصبح الزنادقة أئمة،ولا عجب حين نري بأعيننا، و نسمع بآذاننا الدعوات الشاذة، من مارقين، يسعون لهدم ثوابت العقيدة، تحت لافتة تجديد الخطاب الديني ،و يتبارون في النيل من الائمة الكبار مثل البخاري و الشيخ الشعراوي، مروراً بالتشكيك في علماء وقامات الأزهر .
لعل أبرز دعاة تجديد الخطاب الديني، اسلام بحيري ويوسف زيدان، وثالثهما ابراهيم عيسي، فهؤلاء يروجون للحض علي الخطايا، ويطلقون عليها، مجازاً، مسميات عدة، تحت لافتة براقة، اسمها الحرية، فقد صار البغاء حرية، والإلحاد حرية، والمثلية الجنسية حرية، والطعن في الثوابت حرية، و تشويه النص الديني حرية .
هذه النمازج الشائهة، لم يظهروا علي السطح من فراغ،لكن جري إعدادهم بإتقان شديد، بعد أن قدموا بأنفسهم أوراق اعتمادهم في الإعلام الفوضوي، الذي ساد خلال ثلاثة عقود، تصدروا خلالها المشهد العام، كمثقفين ودعاة تنوير، وقادة فكر ، دون امتلاكهم لأي مقومات، فقط، شهوة الشهرة، الشهرة دون سواها ، الشهرة علي حساب الدين من باب التنوير والتجديد ، الشهرة علي حساب قضايا الوطن من باب المعارضة والنقد ، ومن هذه الزاوية تضخمت ذواتهم، وظنوا أنهم احتكروا الحقيقة المطلقة، فأهانوا الرموز الدينية، وسٓخروا من ثوابت العقيدة، بلوغاً لمرحلة تشويه الدين ذاته .
التنويريون الجٌدد ليسوا إلا ببغاوات، يرددون كل ما يُملي عليهم، باعتبارهم وكلاء لتنفيذ مخططات الأجندة الغربية، بهدف السيطرة علي العقول، لمحو الهوية الدينية والوطنية، كجزء من حروب الجيل الرابع .

البداية كما قلنا ونؤكد من جديد ، الطعن في الثوابت، والتشكيك في المّسلمات ، ثم الدعوة لدمج الأديان في دين واحد ،"الدين الإبراهيمي"، باعتبار أن الأنبياء والرسل من نسل سيدنا ابراهيم عليه السلام .
ولأن الأمر ليس سوي سبوبة كبيرة، لا علاقة له بالدين أو العقيدة، لم يكن غريباً أن يولي هؤلاء وجوههم صوب القبلة الحرام ، فقد كان لديهم الاستعداد لركوب موجة ترعاها دول، و الموضوع بالنسبة لهم، لن يكلفهم سوي "شوية حزلقة و تنظير "، خاصة أن أقصر طريق للشهرة، من دون عقاب، هو طريق تشويه الدين، وهذا وحده من أهم وأقوي أوراق الاعتماد ،كما ذكرنا .
و تحت لافتة تجديد الخطاب الديني، وشعارات التنوير والدفاع عن الحريات، راحوا يهدمون الثوابت، مرة بإنكار واقعة الاسراء والمعراج، تمهيداً لإنكار فريضة الصلاة، لأن الأمر بها نزل في تلك الواقعة، و مرات أخري بإهدارخصوصية الأديان "الاسلام ، المسيحية، اليهودية "، ودمجها في دين واحد ، وكأن الأديان السماوية مجموعة شركات، يتم دمجها في كيان واحد، لكي تصبح شركة عابرة للقارات .
يا سادة .. أنا لست عالماً بأمور الدين، ولا فقيهاّ أفتي في الشريعة، ولا أزعم ذلك، لكنني أحمل، ولو بعضاً ،من ضمير، وعقيدة شكلت هويتي وقناعات أؤمن بها، لذا فإنني أحذر من السير في دروب هؤلاء الدجالين، ممن يتنقلون علي موائد اللئام، مثل شعراء القبائل، يتقلبون بين المديح و الهجاء حسب المصلحة، وكل مواهبهم توظيف الكلمات البليغة لخدمة أغراض وأجندات ماسونية، تهدف هدم الدين بشعارات براقة، لأغراض سياسية، نعم لأغراض سياسية .
ذات مرة نشرت الإدارة الأمريكية تصريحات مثيرة ، في إطار مراميها لتغيير هوية المنطقة العربية،بحسب الاعلامي حافظ المرزاي، عبر تبني نشر الدين الابراهيمي في المنطقة لإذابة اسرائيل في الإقليم، ولهذا الغرض أنشأ الرئيس التنفيذي للوكالة " ألبرتو فريناندز " الذي عزله الكونجرس الأمريكي، برنامجين بأموال سخية، لإبراهيم عيسى و إسلام بحيري، ومهمتهما، فقط، نقد النص الإسلامي، لا حظ، ان مهمتهما فقط "نقد النص الإسلامي" ، وهي أجندة تخص المجتمعات العربية والإسلامية، من خلال “الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي” التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية C I A ، ومن مهامها الاشراف على قناة “الحرة” الأمريكية.
و قد خصصت الوكالة بالفعل برنامجين علي خريطتها ل إبراهيم عيسى و إسلام بحيري، المحبوس - حالياً - علي ذمة قضية نصب، وإصدار شيكات بدون رصيد، لسيدة أعمال خليجية،و كان قد تم حبسه قبل ذلك لاتهامه ب ”ازدراء الأديان”، فهل شخص بهذه السلوكيات ، يمكن الانصات له حين يتحدث عن البخاري وعن العقيدة والشريعة، و لا عجب حين تعرف ، أن عيسي و بحيري، علي علم ومعرفة تامة بتلك المعلومات، و التي ترقي لمستوي الاتهامات الواضحة والصريحة ، لكن أي منهما لم ينف أو يصدر توضيحاً، لما يتم تداوله، ولم يلتفت أي منهما للرائج عنهما، بل استمرا في بث أفكارهما الموبوءة عن الدين الجديد، والحريات، وما شابه ذلك ،من خلال هذه البرامج .
وفي السياق ذاته ، قد يصدم الكافة، إذا علموا أن مؤسسي "مركز تكوين " الذي ذهب مع الريح ، يوسف زيدان واسلام بحيري وابراهيم عيسي، لم يدرس أي منهم العلوم الدينية ، الفقه و الحديث الشريعة ، والقرآن ،لكن بالفهلوة أصبحوا علماء يفتيون فيما يعرفون ، وفيما لا يعرفون ، لذا فإن تركهم من دون مواجهة وتفنيد فكري، لكل ما يقدمونه من خزعبلات، قطعاً ، سيصبح لهم دروايش ، يطوفون بأعواد البخور، ويتراقصون علي صدي أنغام الدجل في حلقات المجون .

محمد عبداللطيف إبراهيم عيسي خط أحمر
قضية رأي عامswifty
بنك القاهرة
بنك القاهرة