المهندس السيد طوبا يكتب.. تغيير الذمم


أصبح من المألوف الآن أن تجد قوما مهيبى الطلعة يبدو عليهم الوقار والحكمة يتحدثون بكل يقين عن رأيهم فى موضوع ما وتأييدهم المطلق لأفكار زعيم أو وزير أو غيره من المسئولين ثم وبكل فجاجة تجد نفس الأفراد وقد تبدل بهم الحال وانقلبوا وقالوا أفكارا معاكسة لمعتقداتهم وأفكارهم التى آمنوا بها وليس معنى ذلك أن يتمسك الإنسان برأيه حتى لو تبين أنه خاطئ.
ولكن هناك مجموعة من البشر تتغير مبادئهم وذممهم حسب الأهواء واتجاه الريح والمصلحة الشخصية وبالتأكيد جميعنا يذكر جيدا مجموعة بارزة من الإعلاميين ذائعى الصيت طالما سبحوا بحمد وحكمة وعبقرية ودهاء ورؤية مبارك فلما ذهب مبارك انقلبوا عليه وعددوا خطاياه وكوارثه وعوضا عن تمجيد التوريث أصبحوا يطالبون برأس المورث والوارث ثم اعتلى بعدهم الإخوان سدة الحكم فتكررت ذات المسرحية من تمجيد وتبجيل ونضال وكفاح بل تبنى بعضهم مقولة الإسلام هو الحل.
فلما انتفض الشعب والجيش والشرطة وأطاحوا بالإخوان، لم تستح نفس الفئة من التحول مائة وثمانين درجة لكى يكيلوا المديح للرئيس الحالى والذى أعتقد أنه بذكائه يدرك ماهية تلك الحرباء التى تتلون بكل لون وتغير ذممها وضمائرها لركوب الموجة والتواجد على الساحة.
وأسعدنى الحظ بمشاهدة فيلم وثائقى سجله أحد الشباب لمجموعة من الإعلاميين إياهم وللعجب ما تسمع وتشاهد آراءهم المتباينة لكل زعيم ووزير ومسئول وأتعجب من سماكة جلودهم وعدم احساسهم بأى خجل من تغيير ذممهم وضمائرهم وتلونهم مع الأحداث وقرأت فى نوادر الأدب العربى أن قام رجل بدفن كلب فى مقابر المسلمين فاشتكاه الناس للقاضى الذى استدعاه وسأله كيف يجرؤ على فعل ذلك فأجابه الرجل أن ما فعله كان بناء على وصية الكلب فنهره القاضى واتهمه بالاستهزاء منه عندها استطرد الرجل قائلا بأن الكلب أوصاه أيضا بمنح القاضى عشرة آلاف درهم هنا سكت القاضى وأطرق برأسه ثم قال رحم الله الكلب فتعجب الحضور وسألوا القاضى عن سبب تغيير موقفه فأجابهم بأنه تأمل فى أمر هذا الكلب الصالح فوجده من نسل كلب أصحاب الكهف.
والأغرب أن نفس الوجوه الكالحة ما زالت تطالعنا بالأخبار والبرامج بل ويتقاضى أصحابها أعلى الأجور معتمدين على أن الشعب ينسى بسرعة لأن لديه ذاكرة الأسماك ولكن التاريخ لا ينسى ولابد من وجود وعى اجتماعى لدى الشعب ليتذكر دائما مواقف هؤلاء الشرذمة ولابد من تجديد الخطاب الإعلامى وتنقيته من الشوائب وظهور مواهب شابة لديها خلق ورؤية واضحة ومتجددة فقد تعبنا من الذباب الذى يأكل على كافة الموائد.