جمال رشدي يكتب.. رسالة إلى السيد الرئيس


مقالي هذا سأكتبه ليكون شاهد على التاريخ ، لا أرغب ولن أسعى إلى أي منصب أو مطلب من أي نوع، كل ما أسعى إليه هو أن أكتب من أجل أمن واستقرار مصر فقط.
السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، لقد كتبت إلى مصر واليكم عشرات المقالات، التي تتضمن دراسات تنموية للتنمية المستدامة على جميع الأصعدة، لم يتجاوب أحد مع دراساتي ولم يستجيب أحد لمقترحاتي، ولا أعلم إن كان هل من حولك أبلغوك إن هناك كاتب مصري لديه دراسة تنموية غير تقليدية لبناء مصر والنهوض بها ؟
واعتقد الكثيرين كتبوا وقدموا اقتراحات متنوعة، واعتقد أنه أيضا لم يلتفت إليهم أحد، وعليه سأسطر لكم هذا المقال واتمني أن يكون هناك من هو وطني يحب مصر فقط ويبلغك بمحتويات كلماته.
بعد مرور 6 سنوات من حكمكم هناك انجازات ريعية في البنية الأساسية، وهناك إهمال كبير في بناء الإنسان والاقتصاد الإنتاجي، وقبل هذا وذاك كانت هناك أخطاء قاتلة إن لم تتدخل بأقصى سرعة لتصيحيح المسار ستكون هناك عواقب وخيمة ليس على نظام حكمك بل على مصر.
تلك الأخطاء تمثلت في تحالف نظامك مع الجماعة السلفية وترك لهم الساحة المصرية إعلامياً وعملياً وإعطائهم حصانة غير مرئية، ومعروف أن تلك الجماعة هي الحليف الأيدلوجي لجماعة الإخوان الإرهابية، بل هي أكثر عنفاً ودماً ضد الوطن ، ففي الوقت الذي كان كل طوائف الشعب معك وفي ظهرك، فتركت كل هذا الظهير الكبير وذهبت إلي تلك الجماعة المبتورة وطنياً.
كل ذلك تبلور في حزبهم الذي تركته مخالفا للدستور، ورجالهم الذين تركتهم في الإعلام يكفرون ويهددون ويحرضون دون رادع، وها هو النائب عبد الرحمن البكري السلفي وعضو حزب النور أمين سر لجنة التعليم بمجلس الشعب، وهي اللجنة الأهم والمسئولة عن رسم أهداف العملية التعليمية، فمن الذي سمح بوضعه في تلك اللجنة الهامة والمهمة، وفي وسط ذلك هناك مناهج التعليم التي تم تجريف المتبقي منها ومسخه بهوية أخرى غير مصرية، وكأنه سيناريو معد ومخطط له لتغيير مصر وهدم مكونات الشخصية المصرية.
وعلى بعد خطوات ما زال أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية متواجدون في كل مؤسسات الدولة ومفاصل المجتمع، يتحركون يجتمعون يقررون بكل ارتياحية ودون أي مراقبة أو رادع، رغم ما يفعلونه ويسطرونه علي مواقع التواصل الاجتماعي ضد أمن الوطن واستقراره، لكن بمباركة من أجهزة الدولة ورضا تام تعيش تلك الجماعة بكل ارتياحية رغم ما قامت به ضد مصر من أعمال تخريبية وقتل ونهب وتدمير وسلب.
والسؤال الذي يطرح نفسه عند كل مواطن لماذا يترك النظام هؤلاء بتلك القوة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، وأخص بالذكر وزارة الداخلية والتعليم والصحة، وبكل تأكيد في وزارة الدفاع رغم علم أجهزة الدولة بانتمائهم الأيدلوجية وخطورة وجودهم علي مصر.
سيدي الرئيس كيف تترك النادي الأهلي المخترق من الجماعة الإرهابية في يد تلك الجماعة إلي الآن، والجميع يعلم أن ألتراس ذلك النادي هم أدوات جماعة الإخوان فكيف يكون العامري فاروق الوزير الإخواني أثناء حكم الجماعة الإرهابية نائبا لرئيس مجلس الإدارة، وهناك الجهاز الفني بأكمله سابقا، أعضاء في الجماعة الإرهابية وكثيراً من أعضاء النادي واللاعبين كانوا مؤيدين لمرسي ومساندين له، كيف تركت ذلك النادي الكبير كمخلب قط في أسنان الجماعة الإرهابية .
سيدي الرئيس هناك علامة استفهام كبيرة أمام ذلك الأمر، هل تعلم ما زال مخطط تغيير التركيبة المجتمعية الذي اتبعها تنظيم الإخوان عن طريق قيام أعضائهم بشراء الممتلكات وركوب السيارات وعمل الشركات والمشروعات، لكي يعتلوا المشهد القبلي في المجتمع ما زالت سارية في الفري والنجوع تحت أعين أجهزة الدولة وتحت رعايتها وكأنها مباركة لهذا التغيير.
سيدي الرئيس لا يمكن احتواء الثعابين، ونظام حكمك حاول احتواء أوكارهم وبالطبع النتيجة ستكون هياج تلك الأوكار ولدغ النظام والتخلص منه ومن ثم الاستيلاء على مصر، سيدي الرئيس تحرك بأقصي سرعة وخلال ساعات بحرق تلك الأوكار ودفن الثعابين، لأنها الآن أطلت برؤؤسها وتنتظر اللحظة المناسبة للخروج ولدغك والتخلص من نظامك.
وقبل هذا وذاك ورغم دور الإعلام المعادي في الربيع العبري 25 يناير وفي ثورة 30 يونيو العظيمة ، كان من المفترض ومنذ البداية أن يعمل نظامك على تبني وسيلة إعلام قوية تكون قادرة علي دحر إعلام الإرهاب المعادي ومجابهته خارجياً وداخلياً، ولكن بدل ما يقوم رجال نظامك بذلك قاموا بوضع اليد علي جميع الإعلام المرئي والمسموع والمقروء بطريقة بدائية جعلت الكلمة مخنوقة وصوت الحق ممنوع، وأعطت الفرصة للإعلام المعادي إن يصل إلى منزل المواطن المصري مرة أخري.
سيدي الرئيس كان من المفترض أن تكون البداية من عند بناء الإنسان عن طريق تكوين لجنة من خبراء التعليم والهوية المصرية لصياغة منهج تعليمي لكل مراحل التعليم الدراسية ونسف المنهج القائم حالياً والذي يرسخ لإنسان خارج الهوية المصرية، كان يلزم منذ البداية تمكين قادة ثورة 30 يونيو التنويريين والمثقفين من الإعلام ليكونوا رسالة تنويرية للشعب المصري، بدل من نسفهم والخلاص منهم والاعتماد علي خفافيش الظلام الذين سينسفون مصر وكل ما فيها أن استمر نظام حكمك يعتمد عليهم.
سيدي الرئيس هل تعلم أن مصر محفوظ والعقاد وقدوس وحمدان وطه حسين لا تتعدي دور السينما والمسرح بها أصابع اليد وهل تعلم إن المؤسسات الثقافية والفنية شارفت علي الموت والتواري تماما عن المشهد ويحل محلها أوكار الثعابين الذي يحاول نظامك احتوائه واحتضانه.
سيدي الرئيس ليس هناك وقت للحفاظ علي مصر أخرج الآن وأصدر قرارات فورية بحل حزب النور، وبتطهير مؤسسات مصر ومفاصلها وأجهزتها من كل أعضاء الجماعة الإرهابية وحلفائهم وبتعريف وتقنيين الفساد ووضع كل هذا تحت الحكم العسكري الناجز، مع صدور قرار فوري برجوع جهاز أمن الدولة السابق وكل رجالة إلي مواقع عملهم ليكونوا مسئولين عن تنفيذ ذلك القرار.
أما عن الحالة الاقتصادية فالأمر ملتبس بعد أن قطعت شوطا طويلاً في الاقتصاد الريعي الغير منتج الذي يتغذي علي جيب المواطن المسكين والفقير، ولكن الحل يكمن في إعادة النظر في دراستي المنشورة منذ سنوات في جريدة صوت الأمة والبعض منها في جريدة الأسبوع، تحت مسمي بناء مصر من القاع للقمة، داخل تلك الدراسة حلول جذرية لكثير من المشاكل الاقتصادية دون تكلفة .
وبخصوص الحالة الإعلامية، رجاء إعطاء تعليمات إلى أجهزة الدولة بالانسحاب فوراً من كل مواقع مراقبة الإعلام المصري المتنوع وترك الحرية للكلمة ووضع الجميع تحت مسئوليات القانون، مع تشكيل لجنة لإدارة الإعلام بعيداً عن أيادي أجهزة الدولة الأمنية.
بجانب ذلك هناك الأحزاب السياسية الحالية، التي أقامتها الأجهزة الأمنية والتي لا دور لها إلا حشد المواطنين أثناء الانتخابات فقط فعلي السيد الرئيس أن يقرر فوراً، فك تلك الأحزاب واعطاء الفرصة والمجال لرجال السياسة والثقافة بتكوين أحزاب حقيقية تعبر عن نبض الشارع، مع مساندة الدولة لها لكي تكون نواة لتكوين حياة سياسية تقوم علي الواقع المجتمعي والثقافة الشعبية.
وأخير هناك الجهاز الإداري البيروقراطي للدولة والذي يمثل عائق كبير أمام أي عملية إصلاح أو تنمية، وفي مقالاتي السابقة هناك اقتراحات عدة بكيفية قيام حكومة الكترونية رقمية، ولا يمكن قيام ذلك بداخل هذا الجهاز المتهالك، واقتراحي هو قيام شركة خاصة تحت مسمي تحيا مصر تضم كل الخبراء والمتخصصين، وتتولد منها أفرع في كل محافظة، وتكون مهامها الدراسة والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم والتقويم، بجانب إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة واختيار المسئول طبقاً لمعايير مهنية وثقافية وبيئية، تتماشي مع متطلبات المنصب مع اقتصار دور أجهزة الدولة الأمني في تقييم الجانب الجنائي والسلوكي فقط .
ذلك المقال هو رسالتي إلي السيد الرئيس وكل ما طرح بداخله هو من ضمير وطني خالص لا يبتغي شئ إلا الأمن والاستقرار لمصر، وأجزم أن حروف وكلمات المقال المخرج الوحيد للحفاظ على مصر أم غير ذلك فالعواقب وخيمة على وطني مصر.