مقالات

رجب الشرنوبي يكتب.. سياسة مصر الخارجية بين المتغيرات الدولية وطموحات الكادحين البسطاء(3)

خط أحمر

بعد سنوات من الغربة مصر تعود إلى بيتها وتجلس علي مقعدهاوسط أشقائها  علي مائدة الحوار الأفريقي ، سنوات كانت القاهرة تعاني مما يشبه القطيعة الأفريقية ، تلك السنوات التي بدأت بعد حادثة أديس أبابا الشهيرة ، ورغم بعض الفعاليات المتفرقة التي شاركت فيها مصر أقرانها الأفارقة خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس مبارك ، إلا أن ذلك الحضور  لم يترك الأنطباع الذي يتناسب مع قيمة وحجم أهم دول القارة علي المستوي الدولي ، وما أن تولي الرئيس السيسي مقاليد الأمور حتي بدأت قناعاتة بأهمية دول القارة كقاعدة مهمة يمكن أن تنطلق منها مصر إلي المحافل الدولية تظهر بوضوح ، فالقارة تمثل مايقرب من مليار ومائتي مليون مواطن علاوة علي ثرواتها الطبيعية التي يمكن أن تمثل رقم فاعل في معادلة السياسة الدولية إذا أحسن التعامل معها، في عالم تسيطر عليه المصالح والكيانات الكبيرة  من المهم أن تتحرك وأنت تملك من الدعم والمصالح المشتركة مع جيرانك والمصير الواحد مايمكن أن يمثل أسلحةً سياسية و أوراق ضغط  تستخدمها عند التفاوض و بناء علاقات متنوعة مع كيانات وأطراف دولية أخري ، علاوه علي كون مصر في المقام الأول دولة أفريقية أرتبط تاريخها الذي أمتد آلاف السنين بعمق القارة السمراء ، فنهر النيل الذي بني المصريين حضارتهم حوله ينبع من أدغالها .

من شرق ووسط القارة السودان غينيا رواندا كينيا أثيوبيا أوغندا تنزانيا الجابون وتشاد إلي الجزائر وتونس في الشمال وغينيا وكوت ديفوار والسنغال في الغرب ، تنوعت زيارات الرئيس في كل أرجاء القارة ، كما تنوعت لقاءت القادة الأفارقة مع الرئيس السيسي سواء في مصر أو في مؤتمرات دولية ، الكثير من المباحثات المصرية الأفريقية تمت في هذه الفترة، تم إعادة علاقات كادت أن تذبل وتموت  إلي الحياة مرة أخري ، حتي أنتهي الأمر بإعتلاء مصر رئاسة الإتحاد الأفريقي وذلك في فبراير 2019 ، ولكن ماذا ستجني مصر من هذه المجهودات الكبيرة التي تبذلها القيادة السياسية ،   لإعادة هذه العلاقات بهذا الشكل الذي يقوم علي المصالح المشتركة والإحترام المتبادل وقبول الإختلاف وتغيير النظرة الفوقية والإستعلاء ، التي سادت لفترات طويلة قبل ذلك لدول القارة السمراء، ؟؟!!

أولاً: شراكة قائمة بهذه المواصفات بين مصر وأشقائها الأفارقة سيشكل دعماً معنوياً وثقلاً سياسياً يمكنها من بناء علاقات متميزة ومتوازنةً أيضاً مع العديد من الدول الفاعلة علي المستوي الدولي مما يحسّن موقفها ويقوي من نتائج هذه العلاقات التي ستقوم أيضاً علي الإحترام المتبادل والمصلحة المشتركة .

ثانياً: ستقود هذه العلاقات إلي البحث عن أُطر متميزة للتعاون المشترك والإستفادة من كافة موارد القارة المتنوعة والتي تتميز  كل دولةبجزء منها .

ثالثا: أفريقيا مازلت منطقة بكر تحتاج إلي المزيد من الأنشطة الصناعية والتجارية والبنية التحتية،  مما يعزز فرص رجال الأعمال والصناعة المصريين في الإستثمار المناسب وخلق فرص العمل للشباب المصري داخل أفريقيا وتوريد مايتناسب مع المستهلك المصري من منتجاتهم المصنعة علي أرض أفريقيا،

رابعاً: دول القارة سوق واعدة يمكن أن تكون رائجة لكثير من المنتجات المصرية.

خامساً: وجود مصر كشقيقة كبري لكل دول القارة سيؤمن وإلي الأبد مصالح مصر المائية بل وربما يفتح أمامها آفاق جديدة لمزيد من المياه عبر مصادر وإتفاقيات جديدة .

سادساً: إستقبال شباب أفريقيا وتفاعل الشباب المصري معه ، وخلق نوع من التواصل معهم كما حدث في أسوان،  ونشر الثقافة المصرية في أفريقيا سيؤدي حتماً إلي إرتباط شعبي يصعب معه إيجاد الوقيعة والخلاف مع مصر للإضرار بمصالحها القومية كما حدث في الفترة الماضية وتلاعبت إسرائيل وقطر وتركياوغيرهم بمنطقة منابع النيل.

مصر هذا العام تجلس علي رأس الإتحاد الأفريقي وتتحدث بإسم أربعة وخمسون دولة أفريقية في المحافل الدولية ، مما يعزز موقعها علي خريطة السياسة الدولية، نأمل أن تكون هذه هي البداية لدور مصري في أدغال أفريقيا، للمساهمة في صنع واقعي أفريقي جديد يتناسب مع إمكانيات القارة حتي تتضاعف الفائدة لكل الأفارقة ونحن جزء أصيل منهم فمن المؤكد أنه عندما يحدث ذلك ستكون القاهرة أول المستفيدين منه بحكم أنها تمثل البوابة الرئيسية لأي تحرك دولي أفريقي شرق أوسطي .

رجب الشرنوبي سياسة مصر الخارجية خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة