تعالت في الأيام الأخيرة صيحات من بعض الشباب والكبار بضرورة الهجرة من مصر لأن الحياة أصبحت مستحيلة على حد قولهم، وذلك نظرا لارتفاع الأسعار الجنوني خاصة بعد رفع الدعم عن الكهرباء والوقود وصعوبة العيش بنفس الدخل عيشة كريمة وأقول لهم إن ما نعانيه جميعا الآن ليس إلا ثمرة جهلنا وسكوتنا عن الكلام المباح فقد قضينا عقودا عديدة نأكل ونشرب ونعيش على حساب صاحب المحل وصدقنا كافة الأكاذيب التى أطربنا بها الزعماء السابقون والحكومات المتعاقبة فكانت جميع أوجه الحياة مدعمة من الدولة بل وتباهى الزعماء بمعدلات النمو ورخص الأسعار وكثير من العقلاء حذروا من مغبة الضحك على الذقون وأنه سياتي يوم ندفع فيه الحساب حساب غفلتنا وتكاسلنا وعدم استعدادنا لتحمل حقيقة الأمور.

لا شك أننا شعب مستهلك وغير منتج استغللنا القوانين الاشتراكية أسوأ استغلال فغاب الانضباط ودفنت الجودة وتضاءلت إنتاجية العامل المصرى دون النصف ساعة يوميا وإذا ما حاول أحد الشرفاء مواجهتنا بالحقيقة قام عليه الجميع فى حرب بلا هوادة حتى يخرس فلما أن جاء رئيس صادق رفض خداع شعبه وصارحة بحقيقة الأمر وأن الفواتير القديمة يجب سدادها تعالت بعض الأصوات المنكرة تمجد فى العهد السابق وتترحم على مبارك ومن سبقوه.

لو أن هناك معيارا أخلاقيا لمحاسبة الزعماء والحكومات لقضت بسجنهم جميعا جزاء ما ارتكبوه من جرائم فى حق شعوبهم ومن المؤكد أن عملية الإصلاح صعبة وعسيرة ومؤلمة ولكن آن الأوان للمكاشفة والمصارحة ومواجهة الحقائق ودفع الحساب وحتما سيتضرر الكثيرين ولكن ما هى البدائل فليس أمامنا سوى العمل والاجتهاد وتطوير التعليم والتمسك بالخلق القويم والاستغلال الأمثل لثرواتنا الطبيعية التى حبانا بها الله ولا بد من التأمل والتفكر والاقتداء بمن سبقونا فهناك دولا هدمت بأكملها بعد الحرب العالمية الثانية وبعدها قضت الحروب على ملايين البشر مثلما حدث فى فييتنام ورواندا ولكنهم نهضوا بالعمل والجد وبنوا بلدانهم بل وأصبح بعضهم من أكبر القوى الاقتصادية فى العالم وتحول بعضهم لنمور آسيوية.

لذلك علينا جميعا تحمل تلك المرحلة الصعبة والتكاتف لعبور الأزمة ففي النهاية تلك مصرنا مهد الحضارات ونبع الثروات ومن يفخر بأنه مصرى فليعمل فى صمت حتى تمر العاصفة أما من لا يطيق ذلك فأبواب البلاد مفتوحة بعرض بحارها وصحاريها غير مأسوف عليه.