من أهم مقاييس حضارات الأمم اهتمامها بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة ففي أوروبا والدول المتقدمة تجد اهتماما شديدًا بتوفير وتجهيز المنازل والشوارع ومواقف السيارات ووسائل المواصلات والمباني وغيرها لتلبي متطلبات كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة كما أن هناك إلزاما على المطورين العقاريين بضرورة تخصيص وحدات فى مشروعاتهم لتلك الفئة العزيزة.

وطبقا للإحصائيات الغير رسمية في بلدنا فهناك ما يقرب من أثني عشر بالمائة من السكان من أصحاب الاحتياجات الخاصة ولم أشهد اهتماما بهم إلا بعد أن وجه رئيس الدولة بضرورة توفير احتياجاتهم وكعادتنا قامت الاحتفالات ومهرجانات التكريم وتناثرت الخطب الرنانة والوعود البراقة ثم هدأت الأمور وعادت ريما لعادتها القديمة وتذكرت ذلك فى خضم هوجة إعلانات المطورين العقاريين عن مشروعاتهم الخيالية ومدن الأحلام التكنولوجية الجديدة ولم أسمع قط تنويها من أحد كبار المطورين أو حتى المشروعات القومية أو الاستثمارية التى تنشئها الدولة بتخصيص بعض الوحدات في تلك المشروعات لأصحاب الاحتياجات الخاصة أو دورا للمسنين.

فيجب على الدولة أن تفرض على كافة المطورين نسبة محددة لاستيعاب أهلنا من أصحاب الاحتياجات الخاصة وكبار السن وهو ليس منة ولا هبة من أحد ولكنه واجب وطني قومي إنسانى يجب النص عليه صراحة في التصميمات وتراخيص البناء كما يجب على الإعلام توعية الجميع بأهمية استيعاب أبناءنا من تلك الفئة وكذلك شيوخنا من كبار السن كما يتحتم على الدولة وهى تنشئ المدن الجديدة وضع ذلك في الاعتبار عند تصميم المبانى والشوارع والمتنزهات والمباني العامة ناهيك عن النسبة الوهمية التى تفرض على الشركات والمؤسسات لتشغيل نسبة من أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة فيتحايل معظمهم بإرسال رواتب لتلك الفئة لمنازلهم دون استيعابهم أو دمجهم والاستفادة منهم في منظومة العمل ولا يجب أن ننسى أننا جميعا معرضون لبلوغ الشيخوخة أو أن يرزق الله أحدنا بأبناء أو أحفاد من ذوى الاحتياجات الخاصة لذلك لابد من تفعيل واستمرار مبادرة رئيس الجمهورية وعدم نسيانها أو وضعها فى الثلاجة لحين إصدار توجيهاته مرة أخرى كعادتنا وأن يستشعر الجميع أهمية وخطورة الموقف.

ولا يمكن أن ترقى الأمم إذا أهملت شيوخها وضعافها وأصحاب الاحتياجات الخاصة من أبنائها واستيعابهم فى نسيج المجتمع دون تفرقة أو تمييز المهم عقد النية والتنفيذ والمتابعة.