أحمد رجب يكتب.. ”دسوقي أفندي.. في المصيف”


في حوار سريع دار أمس بيني وبين صديقي الرائع مدير التصوير السينمائي الأستاذ شريف الشافعي أكد ليّ أن الساحل الشمالي قد أصبح شبيهًا بكازينوهات الليل بشكل فج وسافر تجاوز كل الحدود!!.. ولم أندهش من كلام ودهشة الشافعي لأنني على يقين بأن هذا الساحل قد تخلى في وقتنا الراهن عن حرف الياء وهو الحرف الذي كان يميز موقعه الجغرافي الشمالي الممتد من غرب الإسكندرية مرورًا بمنطقة الحمام فالعلمين فسيدي عبدالرحمن فرأس الحكمة ثم الضبعة وكلها مناطق ساحلية شهيرة تمثل أهم النقاط الساحلية الواقعة على هذا الشريط المائي الذي يتجاوز ألف كيلو متر.
أري أن هذا الساحل قد تخلي عن حرف الياء فأصبح الآن من وجهة نظري أقرب في لفظته إلى الساحل الشمال وليس الشمالي!! ... ووصفي له بالشمال لم استعره من سائقي التوك توك أو من المطرب حمو بيكا وإنما أهل الشمال قد وصفهم المولي عز وجل بهذا الوصف وبأنهم في سموم وحميم وظل من يحموم لاباردًا ولاكريم !! .. نعود مرة أخرى إلى الساحل الشمالي أو بالتعبير الواقعي الأدق " الساحل الشمال " لنشاهد على شواطئه الرملية الناعمة وبحره الأزرق الشفاف مالا عين رأت ولا أذن سمعت !! .. بل نجد ما يطل علينا ليؤكد لنا أننا نحن من نهاجم الساحل الشمال وحفلاته المشبوهة التي اكتست بالمجون والفجر والشيطنة.. نجد ما يقول فينا أننا نرتدي ثوب الفضيلة ومبادئ الأزهر وأننا منافقون بل نحن محرومون !! .. وأن حملات النقد الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي لما يحدث في ساحل مصر الشمال مع ملاحظة أن الشمال هنا هو وصف أو نعت مفرد يصف وينعت كلمة ساحل المفرد هي أيضًا بما يعني أن النعت هو لفظ "الشمال" والمنعوت الموصوف هو لفظ "ساحل" وأشرح هذه التفصيلة على هامش كلامي ذاك حتى لا يُفسر البعض كلامي بأن النعت هنا يعود على مصر !! .. نجد من يقول أن حملات النقد الجماعية على مواقع التواصل الاجتماعي لما يحدث الآن في ساحل مصر الشمال ما هو إلا حقد وغيرة ونفاق ويؤكد كلامه السطحي بأن حضور حفلة محمد رمضان كان ملفت للنظر فقد حضر خمسون ألفًا من عاشقي ومحبي رمضان وأن التذاكر قد نفذت ويستند إلى هذا المعيار العقيم ليؤكد كلامه الأشد عقمًا.
وحتى لا نتفرع إلى ردود على كلام هو في الأساس لا يُسمن ولا يُغني من جوع !! .. دعونا نعترف أن هذا الساحل الشمال برئ مما يحدث على شواطئة وبين أروقة مدائنه وقرى سواحله.. فرغم أنه قد أضحى من وجهة نظري ساحل الشمال إلا أنه برئ .. فقد اكتسب الوصف المعيب هذا من معظم رواده من ذوي هذا الوصف ومن معظم حفلاته الخليعة التي أحيتها مخلوقات بشرية هي أقرب للفيروسات السرطانية منها للجنس البشري!! .. وإنني في هذا المقام أختلف مع السواد الأعظم ممن هاجموا هذه الفيروسات وقاموا بنشر صور لهم وكتابة تعليقات وبوستات ومقالات ساهمت في تضاعف شهرتهم الزائفة بل ساهمت بشكل رهيب في تضاعف عائدهم المادي من قنواتهم الإلكترونية الرسمية على اليوتيوب ليحققوا آلاف آلاف الدولارات !! ... أفيقوا أيها السادة والسيدات.. إن رمضان أو غيره ماهم إلا أناس لديهم مهارة جمع الأموال وتضاعف الثروات على حساب نقدكم هذا !! .. يفسرون ذلك نجاحا ويعتبرون ذلك مجدا وهو نفس معيار ومبدء المذيع إياه الذي يجتمع المصريين على مشاهدته يوميًا في نفس الوقت الذي يجتمعون فيه على كرهه ونقده يوميًا أيضًا !! .. العيب ليس على هذا أو ذاك.. العيب والمسئولية الحقيقية على النقابات المهنية الرسمية التي سمحت بهذه المهزلة !! .. العيب على شركات الدعاية والإعلان التي نشرت ودعمت وأعلنت ورسخت ودعت الشباب والآنسات للسفر إلى الساحل الشمال لمشاهدة أقوى احتفال !!!! ... العيب والمسئولية تقع كاملة على الجهات التنفيذية المانحة لترخيص إقامة مثل هذه الاحتفالات لأن الموضوع لا يمكن اختزاله في شروط روتينية وضعتها هذه الجهات ونفذتها الجهة المنتجة والراعية للاحتفال!!! .. هناك شروط أخرى أهم وكلها تدور في فلك الشرف والعرف والتقاليد والدين الوسطي الحنيف وغيرها من الشروط الاعتبارية والمعنوية والأخلاقية التي تفوق من وجهة نظري شروط الترخيص الروتينية الواهية !!!.. حاسبوا هؤلاء مثلما حاسبتم اتحاد هاني أبو ريدة وغيرهم!! .. ابحثوا عن الجاني الحقيقي وراء طبخ هذه الوجبة وإنتاجها وشراء وتجهيز محتوياتها .. رمضان مخطئ لكنه مجرد أداة .. منفذ .. شريك في جرم وإن كان يبدو لكم أنه فاعله الأصلي .. مؤدي .. باحث عن تضاعف الشهرة والمال معًا .. لن نحلل محمد رمضان ولم ولن نهدر وقتنا فيه أو في غيره .. الأحرى والأولى والأجدر أن نفتش عمن منحه الترخيص وسمح له بالظهور ودعمه وسانده بالرعايات والدعاية وغيرها سواء كان هؤلاء أشخاص عامة أو خاصة.. مؤسسات رسمية أم فردية .. شخوص اعتبارية أم غير اعتبارية.. رحم الله زمن دسوقي أفندي.. هذا الزمن الذي جسده الفيلم العربي الرائع الذي كان يحمل نفس الاسم مع إضافة جملة " في المصيف" تم إنتاج الفيلم عام ١٩٩٢ وجسد دور دسوقي أفندي الفنان القدير عزت العلايلي.. أعتقد أن معظم المصريين في هذا التوقيت في بداية التسعينيات من القرن الماضي كانوا يعبرون عن دسوقي أفندي.
كان أقصي طموح دسوقي في المصيف أن يقضي وقت ممتع وأن تكون تحويشة المصيف كافية حتي نهاية الرحلة وأن يستحوذ علي قلب زهرة التي لعبت بطولتها الفنانة الحميلة تيسير فهمي .
دسوقي الشريف .. المتمسك بالعادات والتقاليد .. الذي يحترم نفسه كي يحترمه الآخرين .. دسوقي لو كان بيننا الآن لرفض رفضًا قاطعاً أن يفكر مجرد التفكير فقط في الذهاب إلى الساحل الشمال .. كل الشكر والتقدير لصديقي الرائع مدير التصوير السينمائي الأستاذ شريف الشافعي الذي ألهمني فكرة هذا الحديث وهذا المقال ..
رحم الله زمن دسوقي أفندي إبان أن كان في المصيف !!