جرجس بشرى يكتب.. ”تامر أمين” والأقباط!!


لاحظت مؤخرًا ما هو أشبه بـ"حملة ممنهجة" لتشويه واستهداف الإعلامي المصري تامر أمين، فلم يكن الهجوم عليه هذه المرة من جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها وأذرعها الإعلامية كالعادة، ولكن كانت من بعض مدعي البطولة والمغيبين من الأقباط، وهذا هو العجب، حيث انتشرت على صفحات هؤلاء هجومًا عنيفا على تامر أمين ومن المضحك بل والمثير للسخرية أن مهاجميه اتهموه تهمة لا تقل سخافة وإضحاكا وهي "أنه كفر الأقباط وحرض على قتلهم وتفجير كنائسهم" !! - تخيلوا - ومن المؤسف أن رأينا شخصيات قبطية في الداخل والخارج تشارك في هذه المهزلة دون فحص أو استقصاء أو تحليل أو حتى سماع هذه الإتهامات من فم تامر أمين نفسه! وتواترت هذه الإتهامات على مواقع التواصل وكأنها حقيقة، والعجيب أن أعداء هذا الإعلامي الناجح أنضموا إلى هذه الحملة التي وجدوا فيها ضالتهم ليصبوا جامات غضبهم عليه.
وفي الحقيقة أنا شخصيا قرأت كثير من المنشورات التي تهاجم تامر أمين، ولكنني لم أنزلق لإطلاق الأحكام المسبقة على الناس دون فحص ودليل ولم أقبل على نفسي كعادتي السير مع القطيع، ولكنني بعد فحص وتدقيق بل وتوثيق توصلت إلى أن هذا الهجوم على تامر أمين كان بعد وقوع حادث تفجير معهد الأورام بواسطة عربة مفخخة كان يستقلها إرهابي تابع لحركة حسم التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، والتي بسببها استشهد عدد من الأبرياء والمسالمين العزل بمحيط معهد الأورام، حيث خرج الإعلامي تامر أمين عقب الحادث في برنامجه "آخر النهار" على قناة النهار، وشن هجوما عنيفا على جماعة الإخوان الإرهابية والحركات التابعة لها، وفي الحلقة كشف تامر أمين كيف يغسل قادة هذه الجماعات الإرهابية فكر الشباب وعقولهم ويجعلونهم أشبه بالحيوانات تسمع وتطيع فقط دون تفكير، وكيف يبررون لهم القتل والتفجير بغطاء ديني بعيد كل البعد عن جوهر وسماحة الدي.
وطرح عدة أسئلة افتراضية جدلية في هذا الشأن، وكان من بين الأسئلة الافتراضية التي طرحها تامر أمين في هذه الحلقة: (ولو فرضا جدلا بتوع حسم والإخوان والقيادات المشئومة دي بيفهموه - يقصد منفذ تفجير معهد الأورام - إنه رايح يقتل الكفرة مثلا، هو ميبقاش إنه متخيل إن في الشارع فيه مسلم وكافر؟.. طيب القيادات الإرهابية دي بيقولوا له إيه لما يقول لهم: مش في ناس أبرياء ها تموت.. يردوا عليه يقولوا له إيه؟ يقولوا له يموتوا كدة عادي ؟.. ولو كان الولد متدين فهو عارف كويس أنه "من قتل نفسا بغير حق فقد قتل الناس جميعا"، ودة كلام ربنا سبحانه وتعالى إن اللي بيقتل نفسا بشرية مصيره جهنم وبئس المصير وده برضه مش كلامي دة كلام ربنا وكلام الدين وكلام الرسول "ص"، فإذا كان الولد متدين ومسلم قياداته بتقول له إيه علشان ينفوا عنه الكلام دة ؟ وإذا كانت قياداته بتخش له بالدين طيب دة دين .. وإزاي بيمسحوا له الآيات دي اللي بتحرم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق من القرآن ؟...)، إلى هنا انتهى الإقتباس من التساؤلات الافتراضية التي طرحها تامر أمين في برنامجه والتي أثارت غضب بعض الأقباط.
والسؤال هنا : هل حرض تامر أمين هنا على قتل الأقباط أو كفرهم أو حرض على تفجير كنائسهم كما زعم البعض؟!، والحق أقول هنا وبكل إنصاف ودون مبالغة أن ما قاله تامر أمين هو تفكير بصوت عال يكشف وبجلاء قبح وبشاعة العمليات القذرة التي تلجأ لها الجماعات الإرهابية لمسح وغسل أمخاخ الشباب الذين يجندونهم للقيام بعمليات إرهابية باسم الدين، والدين بريء من هذه العمليات الإرهابية، لدرجة إقناعهم بالتغاضي عن آيات قرآنية تحرم قتل النفس البشرية التي حرم الله قتلها والتي حرمتها أكبر بكثير عند الله من حرمة الكعبة، ومن المقطوع به أن قول تامر أمين في السؤال الافتراضي للشاب منفذ العملية الإرهابية أنه إذا كان قياداته يقنعونه بأن من يقتلهم في الشارع كفار وأن الشاب مش متخيل أن الشارع به مؤمن وكافر؟ فهو ليس تحريضا على الأقباط ولا تكفيرا لهم ولا تحريضا على تفجير الكنائس كما زعمت بعض الأصوات النابحة والحنجورية ومتصنعة البطولة، فلم يتلفظ تامر أمين في الحلقة بكلمة أقباط ولا جاب سيرتهم ولكن تساؤله الافتراضي لمفجر معهد الأورام يؤكد من وجهة نظري المتواضعة أن الإرهاب في الواقع وعلى الأرض لا يفرق بين مسلم وغير مسلم أو بين كافر ومؤمن، فالإرهاب يستهدف الجميع ولا دين له ولا وطن ولا مبدأ حتى وإن كان الإرهابيون يقنعون الشباب المغرر به لقتل الكفار فقط!!
كما أن تامر أمين نفسه تحدث في نفس الحلقة عن أن من استشهدوا في حادث تفجير معهد الأورام كلهم أحباب الله ولم يستثن في ذلك أحدا مسلما او مسيحيا خاصة وأن تأمر أمين طيلة تاريخه المهني مؤمن إيمانا راسخا بجوهر الإسلام الصحيح الذي لا يكفر الذين أوتوا الكتاب من قبل ورأينا ذلك في تصريحات سابقة له، ولأنه معروف أيضا أن تامر أمين في مشواره المهني والعملي لم يكفر قبطيا ولم يسئ إلى قبطيا، ولم يحرض يوما على قبطيا أو غير قبطي، كما أن موقفه واضح وحاسم من موضوع "التكفير" ورأينا رفضه له عندما هاجم الشيخ ياسر برهامي عندما كفر الأقباط وقال وقتها: من أعطاك صك تكفير الناس؟، كما أن موقف تامر أمين ثابت من جماعة الإخوان الإرهابية والإرهابيين لدرجة أنه رفض في نفس الحلقة الترحم على الإرهابيين وقالها صراحة: "مقدرش اترحم على إرهابي يتقطع لساني لو قلتها ، والإرهابي ربنا يجمحه ولا تجوز عليه الرحمة"، بل قال مخاطبا الإرهابي المقبوض عليه في حادث تفجير معهد الأورام "أنا عارف إنك بتتحاسب الآن، اللهم لا تثبته عند السؤال"، ولو نظرنا بإنصاف للأقباط والكنيسة المصرية في الرسالة الإعلامية لـ"تامر أمين" سنجد أن ملف الرجل وتاريخه في هذا الشأن ناصع البياض ومشرف ومهني، بل وأنه من أكثر الإعلاميين المصريين دفاعا عن الكنيسة المصرية الوطنية وعن أقباط مصر بالحق وبإستماتة وهذا جعله من أكثر الإعلاميين المصريين عرضة للهجوم والتطاول الذي وصل للسب والشتم من قبل جماعة الإخوان الإرهابية والمتعاطفين معها والمتشددين دينيا، وبعض المرتزقة والمهرولون إلى الشو الرخيص.
ومن لا يعرف كيف تناول تامر أمين أقباط مصر والكنيسة المصرية والبابا تواضروس الثاني والبابا شنودة الثالث نعرفه ونذكره بها لأن عدم المعرفة وفقا للتعاليم المسيحية خطية كبرى تؤدي بالإنسان للهلاك حيث يقول الكناب المقدس "هلك شعبي من عدم المعرفة"، كما أن تعاليم الإسلام توصي دائما بل وتحض على تذكرة المؤمنين بالحقائق والحق كي لا يكونوا عرضة للجهل وحتى يستفادوا ويستلهمون منها العبر والدروس، حيث يقول القرآن الكريم في سورة "الذاريات" في الآية "٥٥": "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، فعلى سبيل المثال لا الحصر- وأنا هنا أنقل للقاريء المحترم ما قاله تامر أمين بالنص دون زيادة أو نقصان عن الكنيسة المصرية والأقباط في حلقة ١١ إبريل ٢٠١٧ من برنامجه "الحياة اليوم "على قناة الحياة :(قدر المسيحيين المصريين وأنا بأقول هذا الكلام أقسم بالله العظيم بمنتهى الصدق اللي في الدنيا وكلام طالع من القلب وأعتقد كمان ها يمس قلبكم لانه صادق تماما ، قدر المسيحيين المصريين أنهم يبقوا في الصفوف الأمامية للجيش المصري، مش الجيش المصري هنا اللي أعني به القوات المسلحة المصرية، أنا أعني الشعب المصري كله دة الوقت هو جيش مصر في محاربة الإرهاب، وقدر أقباط مصر.. قدر مسيحيي مصر أنهم يبقوا في الصفوف الأمامية.. في الجبهة الأمامية لمكافحة هذا الإرهاب، وقدر مسيحيو مصر أنهم يكونوا المكلفين بكتابة السطور االذهبية في التاريخ اللي ها يذكر إن مصر كافحت وانتصرت على الإرهاب هذه المرة بقيادة مسيحيي مصر، التاريخ لما وقف هنا في مصر وكتب ملاحم كثيرة زي ملحمة ثورة ١٩ وزي ملحمة مقاومة الاحتلال وزي حادثة دنشواي وزي بعد كدة كتابة دستور ٢٣، وزي بعد كدة ثورة ٥٢ وبعد كدة انتصار ٧٣ وعبور ٦ اكتوبر وبعد كدة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ ، أنا بأقول لكم إن طول الوقت كان بيشار بالبنان إلى الجهة الرئيسية إللي هي السبب.. الكتلة الحرجة في كتابة هذا الانتصار.. الكتلة الحرجة في كتابة انتصار مصر هذه الأيام على الإرهاب الدولي هم مسيحيو مصر.
حد ها يقول هذا الكلام يأتي من قبيل النفاق ولا الكذا وكذا، اللي عايز يقول حاجة يقولها، أنا مش ها أدق على كل الكلام، أنا بأقول الكلام اللي هو في إعتقادي عين الحقيقة .. أقباط مصر مش بس النهاردة بيدفعوا الثمن.. أقباط مصر على مدى السنوات اللي فاتت دفعوا ثمن كثير وما زالوا يدفعون، بس الحقيقة اللي يستوجب إن إحنا نرفع لأقباط ومسيحيي مصر القبعة انهم طول الوقت بيدفعوا الثمن وهم راضون.. عندهم في الحقيقة حالة من حالات الإستيعاب والصبر والتحمل والوطنية اللي لازم نقول أنها إستثنائية ،ومش موجودة إلا في مسيحيي هذا الوطن.. اللي هم جزء من هذا الوطن وشريك في هذا الوطن وأصل هذا الوطن شاء من شاء وأبى من أبى ..من ٣٠ يونيو ٢٠١٣ والأقباط المسيحيين في مصر تحملوا ما لا يمكن لأحد آخر في أي دولة في العالم أن يتحمله .. ده مش بس تحملوا ، ده تحملوا وبرضا وقدموا تضحيات، ولا زالوا وعلى استعداد لتقديم تضحيات أخرى في مقابل أن يبقى هذا الوطن وأن يستقر.. القصة مش بس استيعاب والقصة مش بس صبر من المسيحيين في مصر .. لا .. القصة كمان وعي وفهم وذكاء شديد لطبيعة المؤامرة ، وعارفين إن ده الطعم اللي بيترمي، بس الحقيقة هم كانوا الأوعى مننا ومن اللي بيرمي الطعم كمان)، أرأيتم مدى المهنية والوطنية في حديث تامر أمين عن الأقباط ؟ بذمتكم هل من يخرج منه هذا الكلام الواعي والمهني والوطني يكفر الأقباط ويحرض على تفجير كنائسهم كما يدعي بعض السفهاء والسذج ؟!!! ،
ولم يكتف تامر أمين بهذا الحد في دفاعه عن هذا المكون الأصيل من مكونات الشعب المصري العريق بأقباطه ومسلميه بل كانت لتامر أمين مطالب سابقة عبر برنامجه بتكريم ومنح البابا تواضروس الثاني والأقباط أعلى وسام رفيع من الدولة تقديرا لوطنيتهم، فهل من يطالب بتكريم بابا الكنيسة وأقباط مصر وبأعلى وسام في الدولة يكفرهم ويحرض على تفجير كنائسهم كما إدعى الناقمون والحاقدون ومثيرو الفتنة وبعض الأبطال الكرتونية القبطية التي تريد استمرار.
الأوضاع مشتعلة لمواصلة نعيقهم ونهيقهم من أجل الحصول على الشو الرخيص؟! ولا يظن ظان هنا أنني اتملق أو أنافق أو أطبل للإعلامي تامر أمين ، بالعكس فهذا حقه، وأنا لا أطبل إلا لمصر ومن يحبون مصر ويدافعون عن وحدتها، ولكن من واجبي أن لا أصمت عندما أرى إعلامي مصري مهني وطني يستهدف ويهان ولا أتكلم ، فالدفاع عن الحق أيا كان قائله واجب إنساني وأخلاقي وديني، ومقاومة الباطل والزيف والتضليل وكشف الأقنعة عن المهووسون بالشو والطامعين للمكاسب الرخيصة واجب وطني وأخلاقي. وديني أيضا.