نيفين منصور تكتب ..الشلالية للأبد


من أكثر الظواهر إنتشاراً في معظم المؤسسات وأخطرها ، هي ظاهرة الشلالية ، وهي كلمة دارجة المقصود منها تقسيم بعض المؤسسات إلي مجموعات من الأصدقاء والمعارف وأحياناً الأقارب في البعض الآخر ، فتجد المدير يجمع من حوله مجموعه من المعارف والأصدقاء في المناصب المختلفة كل مؤهلاتهم هي القرب والعلاقة القوية علي حساب الكفاءة والخبرة .
وكلما كانت الشلة كبيرة كلما أحكمت السيطرة علي المكان، وقد تجد منهم من إذا تملك السلطة والمقدرة قد يغرق السفينة لعدم خبرته أو ربما لأنه يحمل شخصية نرجسية تحمل ملامح الطاووس الذي لا يري إلا نفسه وقدراته وعبقريته فيُفْتي في الأمور الفتاوي التي قد تُدمر ولا تصلح.
بالتأكيد كل من يدير مؤسسة ما يخاف علي أن تسحب منه السلطة فجأة، ويخشي أن يفقد القدرة علي السيطرة والهيمنة علي الأمور ولكن هل تشفع الثقة فقط لاختيار مساعديه دون الخبرة؟ في بعض الأحيان قد تختلف مع رئيسك في العمل علي بعض الأفعال ، فتتولد الكراهية بينكما فينسي تاريخك وخبراتك ويتذكر فقط الخلاف الواقع، فتتحول لعدو دائم له، وإذا دققت البحث عن السبب قد تجده سبب واهي لا معني له، ربما لأنك لا تجيد التسجيد كما يفعل البعض، وربما لأنك لا تجيد فن المدح كما يفعل آخرون.
الاختلاف في وجهات النظر لا يجب أن يتحول لعداء ، والمدير الذكي هو من يستطيع توظيف من هم تحت إدارته وتطويعهم لقضاء واجبهم دون الالتفات لمحبتهم ، فالخبرة لها وزن لا يقارن بوزن هؤلاء مِمن يجيدون المدح والتعظيم في قدرات المدير ، ومَن يُقَيِّم العاملين علي هذا الأساس يعتبر إداري فاشل لا يصلح لإدارة مؤسسة أياً كانت خاصة أو عامة.
الإدارة فن وموهبة وتحتاج لمقومات كثيرة وقدرات خاصة لا يمتلكها العديد من البشر ، والتقييم يجب أن يكون علي أسس حقيقية أهمها الخبرة والموهبة وليست علي أساس الحب، فمن الحب ما قتل، يجب دراسة الموقف بصورة جيدة لاختيار الشخص المناسب في المكان المناسب والبعد عن التعامل بمفهوم العزوة والشلالية فمن يعتقد أن الملك دائم مخطئ ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
فمن السهل أن يُنتَزع منك السلطة والسيطرة فجأة وبدون مقدمات حينها تسقط معك الشلة بالكامل ويهوي الجميع إلي القاع دون رجعة. والتاريخ يذكر العديد من الحالات التي ظهرت فيها تلك الظاهرة بوضوح ، وتبدلت الأحوال فجأة لتجد الوضع زال وسقط الجميع. المشكلة الحقيقية عندما تتأثر المؤسسات نتيجة لتلك القرارات العشوائية ، فتؤدي إلي الخسارة والهَدْم . فالتفكير في المصالح الشخصية دون التفكير في الصالح العام لا يأتي أبداً بالخير.