مقالات

سارة درغام تكتب.. وسط البلد-القاهرة

خط أحمر

في المرة الأولى التي نزلت فيها شوارع وسط البلد في القاهرة كنت لا أخاف من التوهان فِيهَا، بالرغم من كلام أصدقائي و خوفهم عليّ من الخروج بمفردي في شوارعها، إلا و كان هناك ثمة حدسٌ يربطني بهذه المنطقة، كانت الشمس  حارقة، الشوارع مزدحمة، كنت أشعر بأماكن الشوارع، و حتى في الأشخاص الموجودين فيها، أشخاص لا اعرفهم.. و لكن عفويتهم و طيبتهم واضحة، إذا تكلمت مع أحد منهم أو سألتهم سؤال يفتحون معك حديث أو يرمون لك نكتة حتى و هم في أسواء حالاتهم.

في القاهرة لا يمكنك أن تمشي بمفردك.. سيمشي معك الباعة والناس والأولاد والأحاديث العابرة و بائع غزل البنات و العربات الطائشة، كلما كنت أترجل في شوارع القاهرة كانت تمر عليّ لحظات تختلط بها مشاعري بين  الفرح و الحزن  العميق، بين لحظات أشعر فيها بأنني أعيش بين الزمن الحاضر و الماضي.. زمن أم كلثوم، شادية و عبد الحليم.

في القاهرة لا تميز النهار من الليل لأنها مدينة  لا تنام .. لحظات نادرة من الهدوء و السكينة تمر في شوارعها التي فعلاً لا تهدأ، وكما يعتقد الكثير  من المصريين أن مصر حالياً لا تشبه مصر الأمس، و أن شعبها يمر في ظروف اقتصادية صعبة و ضائقة إلا وأنهم مثل ما قال الكاتب الفرنسي فيكتور هيجو في مقولته: الضحك هو الشمس التي تطرد الخريف عن وجه الإنسان" و كأنه كان يتكلم عن المصريين.

كلما كنت أنظر إلى شعبها الطيب أرى مرايا فرح و بهجة تنعكس اتجاهي كل هذا و رغم شقاء المعيشة التي يعيشون به إلا و روح النكتة موجودة في شعبها و كأنهم عندما يشربون من ماء النيل يأخذون روح الفكاهة و البساطة و حبهم للحياة.

في كل لحظة و مع كل خطوة في شوارع وسط البلد تحديداً كنت أريد أن أغوص في أعماق كل شارع فيها.. كنت أرصد ضحكات الأطفال.. كلام العواجيز و ترحيبهم عندما يعلمون أنني غير مصرية و خصوصاً عندما يقولون "نورتي مصر".. كنت أرى لقاءات العشاق في أعينهم الجميلة..

و فعلاً، إنني لا أبالغ في قولي بأن قلبي كان ممتلىء بفرحة لا تتسع القاهرة كلها.. وللقاهرة ألف سلام..

سارة درغام وسط البلد القاهرة خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة