مقالات

جمعة قابيل يكتب.. المصري

خط أحمر

التقيته لأول مرة في الثمانينات.. وكان مذيعًا بالإذاعة.. وحينما تعرفت عليه كنت طالبًا بأكاديمية الفنون وأعد أول برنامج إذاعي بإذاعة البرنامج العام.. ساعدني كثيرا بإخلاص ورجوله.. وكانت تقدمه الإذاعية الراقية زينب بديع ويشرف عليه الإذاعى القدير عمر بطيشة.. لمست فيه دأبه الشديد وتميزه بأخلاق أولاد البلد.. وخرجنا معًا أكثر من مرة وتجولنا بمقاهي شبرا والعجوزة وغيرها.

بعدها انتقل للعمل بالقناة الثالثة.. وكان مهمومًا جدًا بمشاكل وهموم البسطاء.. ويعمل ليل نهار على إيجاد حلول لكل مشكلة.. وساعده فى ذلك علاقاته الجيدة برؤساء الأحياء.

وفجأة سافرت خارج مصر وأخذتنا الدنيا ومشاغلها.. وتواصلنا على فترات متباعدة.. وبعد العودة.. وفي منتصف التسعينات كان يتولى إدارة المنوعات بالقناة الثالثة ويقدم برنامجه الخدمي 60 دقيقة خدمات.. وللأمانة كان هذا البرنامج متنفسًا حقيقيًا لكل مشاكل أحياء القاهرة الكبرى .. ووصلت وقتها إعداد خطابات الشكاوى وطلبات المساعدة لأرقام فلكية من داخل مصر وخارجها.. وحققت حلقات البرنامج أعلى نسب مشاهدة.. وكنت أكتب عنه بمجلة الإذاعة والتلفزيون والتقى ضيوفه واتصور مع الحالات الإنسانية وأصحاب الشكاوى وأسجل الحلول الفورية التي كان يحصل عليها من المحافظين.. وأرى وأسمع بنفسي سعادة ودعوات الناس له وللقناة كلها.. وأتابع ملامح السعادة على وجهه كلما أنجز مهمة أو ساعد مستغيث أو محتاج.

هو عادل المصري الذى يحمل الكثير من اسمه .. فهو عادل في معظم قراراته كما يشهد له كل الزملاء حينما ترأس القناة الثالثة.. ومصرى الملامح والطباع .. فهو أسمر يحمل لون النيل وقلب المحب وعقلية ابن الحي الشعبي الشهم وبساطة ونبل ابن البلد بكل معني الكلمة.

واتذكر حماسه الشديد لتجربتي في تلفزة الصحافة لأول مرة في مصر وقتها ببرنامجي يوميات صحفي وفنان .. واتذكر دعمه وتشجيعه وإصراره على إكمال التجربة كلما واجهنا تعنتا روتينيا من بعض الموظفين أو رؤساء القنوات الضعفاء والغير فاهمين .. ودائما كان يحرص على متابعة هذا البرنامج طوال سنوات وجوده على رأس القناة.. وبعد كل تكريم نحصل عليه يتصل بي مهنئا ومشجعا .. وكما توقع معي وقتها أن المستقبل للصحافة المرئية لأنها أقصر طرق الوصول لأكبر عدد من الجمهور.

ومرت السنوات وخرج المصري للمعاش بعدما خدم الإعلام المحلي بكل طاقته ..وحافظ على محبة الجميع بقطاع الإقليميات.. الذين يتذكرونه بكل خير.. وبعدما خدم أهل دائرته كعضو بمجلس الشورى لفترة غير قصيرة.

وظل كما هو طوال السنوات الأخيرة.. الصديق الوفي الذى لا يمر أسبوعًا دون اتصال .. وابن البلد الجدع الذي لا يفوته واجبا .. والوطنى المحترم الغيور على بلده بشدة.. والمحب لدرجة العشق لمبنى ماسبيرو بكل طرقاته وستديوهاته وتفاصيله.. وكان أكثر مايؤلمه مؤخرًا حالة ماسبيرو التي تراجعت كثيرًا وكثيرًا ما تحدثنا لساعات حول كيفية عودة هذا المبنى العربق لريادته لللإعلام المصرى والعربي كما كان.

وهاهو فجأة وبدون أي تمهيد ورغم كل المواعيد مع الأصدقاء على ضرورة اللقاء يقرر الرحيل .. ويرحل بالفعل .

رحل عادل المصري دون وداع.. رحل بعد أن عاتبنا جميعا كأصدقاء على أهمالنا فى حق بعضنا البعض وطالبنا بضرورة ترتيب لقاءات دورية.. رحل وهو في قمة صحته ونشاطه.. وربما هذا من حسن حظه وسوء حظنا.. فمن حسن حظه ورضاء ربه أن يرحل دون مرض أو معاناة.. ومن سوء حظنا أن نصدم بشدة في خبر رحيله المفاجئ .. رحل الأخ والصديق والإعلامي والإداري ابن ماسبيرو الطيب والفاهم والمحترم.. رحل رفيق رحلة حياة طويلة بحلوها ومرها.. رحل عادل المصرى.

رحمك الله وغفر لك يا صديق العمر الجميل

جمعه قابيل المصري خالد المصري خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة