مقالات

نيفين منصور تكتب.. على حافة الهاوية

خط أحمر

مراحل الحياة متعددة، وبين الحين والآخر تجد نفسك حائراً بين تخطي الماضي بما فيه من ذكريات مفزعة وبين المضي قدماً نحو مستقبل جديد بمعطيات جديدة، أحياناً تظل عالقاً بين الماضي والمستقبل وتجبرك صعوبات الماضي علي الانتظار في حالة ترقب هل من الممكن أن تمحي كل ما فات من مرار؟ وتحيا بروح جديدة لا تحمل أي شجن من أحداث ماضية؟

أعتقد أنه من الصعب بل من المستحيل وخصوصا إذا استمرت بعض العثرات لفترات طويلة وأصبحت كالكابوس الدائم في حياتك تلازمك في مراحل متعددة، تطارد سعادتك فتشعرك بالعجز والحيرة وبأنك علي حافة الهاوية من الممكن أن تسقط داخل بئر الضياع النفسي الأسود الذي لا يمكن أن تري عمقه ولا تدري إلي أين يأخذك ، فتصبح تلك المرحلة هي نهاية قدرتك الفعلية علي التحمل ، وتحتاج إلي تدخل من الخالق الرحيم ، ليغير تلك الحالة ويرفع عنك العبء ويصنع المستحيل .

تختلف أشكال الناس وأرواحهم وتختلف كذلك قدرتهم علي التحمل منهم الهش الضعيف الذي يسقط من أتفه الأسباب فيحتاج تعلم الصبر حتي يستطيع النجاح في إمتحان المحن والفتن والبلاء الذي فرض عليه في لعبة الحياة الدنيا، حتي يأتي أمر الله وينتهي التحدي بين الخير والشر ونعود من حيث أتينا إلي الأرض الحقيقية التي كُتِبَت لنا وينتهي حينها كابوس الحياة الافتراضية التي كُتِبَت علينا.

ومنهم القوي الصامد الذي تعلم الصبر ويتحمل إلي أبعد الحدود ويقاوم ضغوط الحياة أملا في تخطي الصعاب والنجاة من ذل البلاء فتعصف به الحياة بكل قوة ويتحمل فوق طاقة البشر إلي أن يصل إلى نقطة اللاتحمل، ويقترب من السقوط، لذلك لم يقدر الله عز وجل البلاء على الأرض بنفس القدر لكل إنسان خُلِق عليها، فالبعض يحيا حياة مرفهة وتكون الفتنة في أمور بسيطة غير معقدة حتى يتحملها ثم يحاسب قدر فعله وقدر طاقته، وآخرون وهم المقربون يشتد عليهم البلاء وتتغير صوره بين الحين والآخر بصورة قد لا يستوعبها غيرهم، فيكون الصبر هو رفيق الطريق حتي تنتهي القدرة عليه ويتعرضون للسقوط، والضياع وتنتهي طاقة التحمل فيتدخل القدر إما بتغيير الوضع أو  إنهاء القصة للأبد .

الحياة ليست قائمة علي المساواة إنما قائمة في الأصل علي الاختلاف تجمعها فكرة واحدة مع اختلاف الأدوار ، الحرب المستمرة بين الخير والشر، ولكل منا حرية الاختيار، إما المحافظة على توازن الأرض أو إحداث الخلل الأعظم فيتمكن الشر وجنوده من السيطرة وتفشل الروح المأمورة بالخلافة في إحقاق الحق، وتنتهي التجربة وتعرض الحياة على أبطالها مرة أخرى ويحاسب كل منا على أمانته فينجو من ينجو ويفشل من يفشل .

مهما كانت حياتك تحمل ملامح الحزن والتراجيديا، حاول ألا تندمج مع الواقع بكل ما فيه من ألم، قاوم السقوط إلي الهاوية، فالقصة في الأصل ليس الغرض منها التعذيب إنما الشهادة على ظلم البشر واتباعهم لعدو المولي عز وجل، فإما أن تقاوم وتهزم شيطان نفسك وإما أن تندمج مع شدة البلاء فتسقط إلى قاع الظلمات وتفقد الحكمة وتنهزم .

تذكر دائما قول المولى عز وجل (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا  لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ  رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا  رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا  رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ  وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا  أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) حين تقترب من السقوط أدعو المولى عز وجل بهذا الدعاء لعل الله يغير الأقدار ويرفع البلاء ويحدث بعد ذلك أمراً .

نيفين منصور على حافة الهاوية خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة