مقالات

المهندس السید طوبا يكتب.. بركة البیت

خط أحمر

من أھم مایجلب البركة للمنزل وجود كبار السن سواء الوالدین أو الأقارب وسر ذلك یرجع إلى كونھم أحوج من الأطفال إلى الرعایة  والسھر والعنایة والبسمة والكلمة الطیبة فقد تقدم بھم العمر ففقدوا أصدقاءھم وصحتھم وشھیتھم ومناصبھم فتشعر بالحزن فى نبراتھم لا ینامون بعمق ولا یأكلون بشھیة وعندھم إحساس عالى بمن حولھم ویرجع الأطباء ذلك إلى ضمور معظم الحواس وضعف المفاصل مما یضعف حركتھم فیمیلون للعزلة والاكتئاب حال شعورھم أنھم عالة على الابن و زوجته أو البنت وزوجھا وأحفادھم وكثیر منا یھمل العنایة بوالدیة إذا طعنا فى السن وكثرت شكواھم وطلباتھم أو تكرر سؤالھم.

وأذكر أن شاھدت فیلما قصیرا عن شاب یجالس والده الطاعن فى السن فى حدیقة منزلھم وقام الأب بسؤال ابنه سؤالا فاجاب الابن وھو غیر مكترث ثم أعاد الأب نفس السؤال فانزعج الابن وقال بنبرة حادة أنه سبق وأن أجاب على نفس السؤال وفى المرة الثالثة انفجر الابن غضبا من تكرار والده لنفس السؤال ھنا قام الأب بصعوبة وأحضر دفتر مذكراته وقرأ على ابنه أنه عندما بلغ الخامسة من عمره سأله سؤالا فأجاب الأب بحماس وعندما كرر الابن نفس السؤال أجابه الأب بكل الحب والمودة حتى أنه سأل نفس السؤال خمس مرات وفى كل مرة یبتھج الأب ویحتضن طفله الصغیر ویجیب دون ضجر أو ملل وھنا شعر الابن بخطئه الشدید تجاه والده الطاعن فى السن واعتذر وقبل یداه.

 وروت أم أنھا فوجئت بولدھا یجمع ملابسھا لأنه حجز لھا فى دار للمسنین وحكت ما قالته لابنھا بدموع ساخنة فقد عاشت فى ھذا البیت خمسین عاما وأنھا تشم رائحة زوجھا الراحل فى كل ركن وتتذكر ضحكاته ونوادره وألحت على ابنھا ألا یتخلص منھا وقد أزف الرحیل وأبدت كامل استعدادھا للتخلى عن طعامھا وشرابھا وأدویتھا بل ترك السریر الضیق الذى تنام علیه كى یتركھا تكمل ماتبقى من عمرھا فى البیت الذى عاشت فیه كل حیاتھا والكلام یثیر الكثیر من الشجن والحزن على جحود الأبناء ونفاذ صبرھم تجاه من ربوھم وأطعموھم وصرفوا علیه كل مالدیھم حتى یتخرج من الجامعة وساعدوه بما تبقى لدیھم لیتزوج ثم فى النھایة وعوضا عن برھم ورد الجمیل یتأفف منھم فى كبرھم ویفضل زوجته وأبناءه علیھم ثم یبخل علیھم بالكلمة الطیبة والسؤال والرعایة متجاھلا تعلیمات الله ورسله ببر الوالدین ورعایتھما فى الكبر والعجز دون بادرة تأفف لأن دعواتھم مستجابة ووجودھم نھر من البركات والخیرات فى الدنیا والآخرة ولعل كل ابن أو ابنة تتھرب من رعایة والدیھا وتتحجج بكثرة المشاغل والأولاد والزوج أن الدائرة ستدور علیھا لتجد ما قدمت لوالدیھا أمام أعینھا أما تجاھل وتبرم وتأفف وإھمال أو رعایة واھتمام وبركة فى الصحة والرزق والأولاد وكما تدین تدان.

المهندس السید طوبا بركة البیت خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة