مقالات

جمعة قابيل يكتب: الباز ليس مجنونًا ولا موجهًا

خط أحمر

كنت أول من نادى بتلفزة الصحافة منذ أكثر من عشرين عاما كاملة.. وكنت أول من قدم الصحافة التليفزيونية في قالب درامي برامجي ببرنامج يوميات صحفي وفنان بالقناة الثالثة.. ورغم أنني قدمته بإمكانيات مادية محدودة إلا أنه حقق نجاحات كبيرًا وتم تكريمه في محافل عديدة.. وكانت كلمات التتر تقول ( الصحافه تلفزوها ).

وكررت الأمر بصورة أكثر مواكبة من حيث سرعة الإيقاع وإيجاز المعلومة المقالة والخبر وتوصيلهم للناس بشكل مبهر وسريع ببرنامج صحافة كليب بالفضائية المصرية ونجحت التجربة جدا وقتها .

وقبل هذا وذاك اتذكر أننى كنت أول من فكر فى مسرحة وتلفزة المناهج التعليمية وقدمت مشروعا متكاملا بذلك منذ أكثر من ربع قرن للسيدة تهانى حلاوة وكانت مدير عام البرامج التعليمية بماسببرو فى هذا الوقت.

والأهم من كل ماسبق أننى كتبت وصورت بالفعل مشروع رواية كليب الذى لخصت فيه رواية 200 صفحة وقدمته فى فيديو كليب مدته 5 دقائق وعرض بأكثر من قناة وتم تكريمه بعدة برامج اتذكر منها برنامج صباح الخير يا مصر وغيره..

وكان مبرري دائمًا هو الرغبة فى الوصول بمضمون ما أكتب إلى أكبر عدد ممكن من الناس .. فليس معقولا ولا منطقيا أن أكتب مقالا أو رواية واكتفى بآلاف القراء فى الوقت الذى استطيع الوصول بمضمون ماكتبت لملايين المتابعين .. خاصة فى ظل منافسة شرسة من صحافة الصوت والصورة الأكثر متعة وإبهارًا..

أقول ذلك وكان حالنا منذ أكثر من عشرين عامًا صحفيًا وأدبيًا أفضل آلاف المرات من واقعنا المر اليوم ..

فالواقع المر اليوم يقول إن كبريات الصحف التى كانت توزع ملايين النسخ يوميا وتحقق أهدافها الوطنية والاقتصاديه تعاني من الخسائر المادية الرهيبة والضعف الشديد فى التوزيع وبالتالى عدم جدواها وطنيا رغم نفقاتها المتزايدة والتى تصل إلى أرقام مليونية فلكية كل عام ..

أما واقع المجلات وبكل وضوح وصراحة فحدث ولا حرج ..!!

ولنا أن نسأل كيف لمجلة تطبع عدة آلاف بكل ما يعنيه ذلك من تكلفة تصل إلى ملايين الجنيهات ولا توزع إلا عشرات النسخ .. !!

من أين لهذه المجلة إمكانية الاستمرار .. فلا معلن سيأتي ليدفع مقابل اللاتوزيع ولا دولة ستستمر فى دعم كيانًا لا يفيدها وطنيًا في شيء .. !!

أقول ذلك بكل أمانة لأؤكد إيمانى الشديد بأهمية المواكبة لتطورات العصر.. وألا سنخسر جميعًا وستغرق المركب لا محالة.

ولذلك أقول أن الصديق محمد الباز لم يكن مجنونًا ولا موجهًا كما اتهمه البعض يوم قال ما قال .. ولكنها لحظة صراحة وشجاعة يفتقدها زملاء كثيرون !!

فما قاله الرجل هو لسان حل معظم الزملاء ولكن يتملكهم الصمت لأسباب عديدة.. منها الخوف من الاتهام إنك ضد التيار أوالحفاظ على مكاسب خاصة أو استمرار العيش فى ثوب الماضى وشعاراته الجوفاء.. رغم أن الواقع يقول ويؤكد أن الأمس ذهب ولن يعود وأننا نحتاج وبسرعة شديدة مواكبة كل جديد وعدم الانتظار أكثر من ذلك ..

فلغة اليوم الأكثر تأثيرًا هى السوشيال ميديا.. والوصول للشباب لن يكون بطريق آخر غير ذلك.. وعدم الاعتراف بهذه الحقيقة والإصرار على لغة الصحافة الورقية فقط لن تفيد المهنة بل ستزيد الفجوة بيننا وبين الأجيال الجديدة .

وأرجو أن يعيد الجميع حساباته بواقعية.. فكل مبدع يتمنى أن يصل إبداعة إلى ملايبن البشر .. ولن تتوفر هذه الملايين إلا عبر السوشيال ميديا من يوتيوب وفيس بوك وتويتر وإنستجرام وغيرها ..

محمد الباز ليس مجنونا ولكنه تحدث بما يخيفنا كصحفيين.. وليس موجها لأنه قال مايجول بخاطرنا منذ سنوات ..

قال الباز حقيقة قلناها كثيرا فيما بيننا .. وقلتها شخصيا بالصوت والصورة منذ ربع قرن ..

فهل نمتلك شجاعة البدء فورا فى مواكبة العصر ونحول كل كيان إعلامي خاسر إلى ناجح ومؤثر .. أم نظل نعاند ونكابر ونشارك فى جريمة إهدار مال عام على طباعة فاخره ومكافآت وحوافز وسفريات ورفاهيات وغيرها دون أى عائد مادى أو أدبي أو وطنى يذكر !!

وإذا كان ذلك كذلك بحجة الحفاظ على الدخل المادى للزملاء وهذا مهم جدا بكل تأكيد .. فلنمتلك الشجاعة  ونكتفى بطباعة غير فاخرة لأعداد معقولة من النسخ نضمن توزيعها قبل طباعتها.. ونوفر ماينفق على طباعة وتوزيع آلاف النسخ التى لا تباع وتعود إلينا كمرتجع يباع فيما بعد بالكيلو لبائعى الفول والفلافل .. والمخلل ..!!!

جمعة قابيل محمد الباز تلفزة الصحافة مصر خط احمر
قضية رأي عامswifty
بنك مصر
بنك القاهرة