الدكتور ظريف حسين يكتب: لمـــــــــــاذا ننتحــــــر؟!


ليس للانتحار علاقة مباشرة بالشياطين التي تغوينا، بل بكمية الضغوط التي تجعل المرء يفقد كل علاقة مع الحياة تماما، ولا يعود يحتملها، وييأس من قدرته علي العودة إليها يأسا كاملا؛ ولذلك فإن كل الذين ما زالوا يحتفظون بأي درجة من درجات علاقتهم بالحياة لن يقدموا علي الانتحار؛ فيجب، إذن، ألا ننظر إليهم من الخارج، بل نحاول أن تتفهم ما كانوا يعانونه فعلا، وإن كنت أنا شخصيا لا أقرهم عليه، و أتفهِّم تماما ما أدي بهم إليه!
ومن المؤكد أن ثقافة الإنسان، وقدرته علي إيجاد الحلول البديلة للإقدام علي إنهاء حياته هي العامل الحاسم في القضية. وكم منا يتعرض في كل لحظة لضغوط أشد- ربما- مما يتوقع الآخرون، ومع ذلك لا ينتحرون؛ لعدم بلوغهم ذرة اليأس من إيجاد البديل، ولو مؤقتا، مما يمنحهم الفرصة للتأجيل والتقاط الإنفاس، بالاستعانة بغيرهم.
ولذلك يعد التساند الاجتماعي، فضلا عن دعم الأسرة، والصحة النفسية، ووجود شبكة من الأصدقاء والمحبين- حتي لو كان محبا واحدا مخلصا- هي أهم دروعنا ضد هجمات اليأس الضارية التي قد تلتهمنا في كل لحظة! ومع ذلك فإن المنتحر هو أشجع الناس، وأكثرهم جرأة، ولكن جرأته هذه علي حياته هو بدلا من أن يتجرأ علي مشكلاته واجتهاده في التغلب عليها، وعدم السلبية معها، عندما يراها مستحيلة، بعكس الأكثرية ممن يعيثون في الدنيا الفساد، بلا شرف منهم ولا نخوة، وبكل وقاحة ولا حياء، ويرون أنفسهم علي غيرهم هم السادات، بكل أنفة وإباء، برغم كونهم أجبن الجبناء!