جمال رشدي يكتب: الرغيف والسيجارة


قال السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي،، الوقت قد حان لزيادة سعر رغيف الخبز، وأضاف علي هامش افتتاحات مدينة السادات "" مش معقولة أدي رغيف بثمن سيجارة..
عقب ذلك التصريح الذي صدر من السيد الرئيس،،، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض ومعهم متحفظ، ومن بين هؤلاء وككاتب ومواطن مصري سأرسل رسالتين الأولي إلي المواطن المصري العظيم والثانية إلي السيد الرئيس البطل.
الرسالة الأولي إلي أخي وأختي وابني وأمي ووالدي من كل جموع الشعب المصري سأطرح عليكم حقيقة سعر الرغيف بكل سهولة وببساطة لكي تعلم حجم المبلغ الذي تتحمله الدولة كدعم لهذا الرغيف ،،،،، القمح سلعة إستراتيجية عالمية مثل البترول والحديد والذهب ... الخ ولذلك سعر الدقيق المنتج الرسمي والوحيد لرغيف الخبز هو موحد في كل دول العالم،،، أنا متواجد في الخارج للعمل منذ سنوات طويلة واشتري الرغيف بسعر ما يوازي جنية مصري وهذا هو التكلفة الحقيقية له.
فطبقًا لإعلان وزارة التمويل والتجارة الداخلية، فأن سعر الرغيف 90 جرام يتكلف 67 قرش ولكن هناك فجوة كبيرة في الجودة والوزن ما بين الرغيف الذي اشتريه في دول الخارج بما يوازي جنية مصري وما بين مسخ الرغيف المصري الذي لا يصلح للاستخدام الآدمي إلا أجزاء قليلة منه لا تتعدي 25%،، حيث وصل دعم الرغيف إلي 42.5 مليار جنية مصري وهذا مبلغ كبير جدًا وحمل ثقيل علي الميزانية المصرية.،، فبسبب سوء جودة الرغيف يتم استخدام أجزاء كثيرة منه كعلف حيواني ،، وهنا ثقافة الفساد لنظام مبارك الذي ما زال يحكم مفاصل الدولة ،،،، فأصبحت جهات الرقابة داخل وزارة التمويل هي جزء من ثقافة فساد غير قادر علي الرقابة والتوجيه والعقاب ،،، وما أود أن اذكره للمواطن المصري بأن تخليص الرغيف من الدعم هو جزء من الإصلاح الاقتصادي الذي يمثل دواء مر لابد منه والذي سيكون الرغيف اخر مراحله .
الرسالة الثانية إلي السيد الرئيس اتفق مع فخامتك فيما تقوم به من عملية إصلاح اقتصادي لتخليص مصر من براثن الفساد الذي يمثل الدعم جزء كبير منه،،، ولكن سيدي الرئيس أتمني أن تقرأ تلك السطور وما بداخلها من صوت مواطن مصري صارخ،،، هذا المواطن العظيم اختاره القدر أن يتحمل أخطاء فادحة لحكم سنوات مبارك، وأيضًا استخدمه القدر أن يتحمل إصلاح ما اخطأ فيه نظام مبارك ، وعليه لابد من دراسة قرار تحرير الرغيف من الدعم بشكل مدروس جيدا ،،، لان هناك شريحة كبيرة داخل الوطن مصر يمثل الرغيف لهم وجبة رئيسية في الثلاث وجبات اليومية، لأنهم لا يمتلكون شئ اخر بجانب الرغيف إلا قطعة جبن أو بيضة يتيمة أو طبق كشك أو شلولو" الشلولو هو خلطة من الملوخية وعصير الليمون وبعض من الثوم وهي وجبة الفقر المدقق"
سيدي الرئيس لن اطلب منكم عدم رفع سعر الرغيف،،، كل ما اطلبه من فخامتكم شيئان الأول إنتاج رغيف ادمي يكون صالح للاستخدام، وبذلك يتم توفير الكثير مما يفقده الرغيف الحالي وهذا يحتاج إلي رقابة صارمة وحقيقية علي مخبز إنتاج الرغيف،، والشئ الأخر أن يصبح الرغيف بسعر مقبول للشريحة التي ذكرتها والتي اعتقد إنها تمثل ما يقرب من 40% من إجمالي سكان مصر ،،،
سيدي الرئيس هناك فجوة كبيرة جدًا بين المواطن واحتياجه، وبين المسئول وقراراته ،،،، فكثيرًا من الأحيان لا تكون المشكلة في القرار بل في كيفية طرحه وتطبيقه بالشكل والزمان المناسبين.
واعتقد بل واجزم أن تحرير سعر الرغيف سيكون أصعب قرارات طريق الإصلاح الاقتصادي، ولذلك يتطلب الامر التجهيز المناسب لاتخاذه وتطبيقه بالشكل المقنع للمواطن والغير مؤثر علي المواطن الفقير،،، وما أتمناه أن يتم إسناد ذلك القرار الخاص بتحرير سعر الرغيف إلي أهل التخصص من هم يعيشون أوجاع واحتياج ومتطلبات المواطن.