نيفين منصور تكتب .. سلوكيات شعب!


ماذا حدث للشعب المصري سؤال يراودني دائماً؟ هل كثرة العدد أدت إلي التدني الأخلاقي المتزايد من البعض ؟ أم المفهوم الخاطئ للحرية والديمقراطية ؟ قد يكون التغير الجوهري الأخلاقي نتاج حتمي لإنتشار الفقر والجهل وقلة الإيمان ، ولكن إلي متي؟
نفتقد لغة الحوار البَنَّاء تحولت المحادثات إلي سب وقذف مستمر من البعض، قد يتحول الاختلاف في الرأي إلي معركة كلامية تنتهي بالقطيعة، أو سباب لا ينتهي وقد يصاحبه اشتباك جسدي عنيف في بعض الأحيان .
نتحدث عن الدين ونتشدد ، نكفر من نشاء وقتما نشاء، ونتناسي أن الدين المعاملة و أن حسن الخلق من أهم الأصول التي تقوم عليها الأديان السماوية، صك الغفران والحكم بنار جهنم ليس حكراً للبشر إنما هو حكم المولي عز وجل وحده لا يشاركه فيه أحد.
هل حقاً معاناة الشعب المصري تقتصر علي غلاء الأسعار ورفع الدعم في ظل إجراءات الإصلاح الإقتصادي؟ هل حقاً المشكلة تكمن في سياسات حكومة تنفذ خطة اشتركت فيها جهات متعددة لإعدادها؟ بالطبع لا، فالحكومة لم تأمر بعض التجار بالمغالاة في الأسعار واحتكار السلع، الحكومة لم تأمر بعض الفنانين بالمغالاة في أجورهم، الحكومة لم تخلق الخلافات العائلية التي يعاني منها الجميع.
الأمر لا يقتصر علي آداء حكومي وخطط دولة، العيب يكمن في أنفسنا وفِي جشع الجشعين، والمغالاة من بعض المستثمرين لزيادة أرباحهم كما يحدث في المدارس الخاصة والجامعات، وحيتان السوق العقاري وحيتان سوق الغذاء والصناعة، من يفكرون فقط في مكاسبهم علي حساب شعب بأكمله.
ناهيك عن الفساد الإداري الذي نعاني منه جميعاً ، المشكلة بداخلنا وليس فقط في آداء حكومي، من تعود علي التسول في الشوارع وارتبح منها لن يقبل أن يعمل في عمل شريف بأجر رمزي، من ارتبح من قيادة توك توك بدون رقابة لن يقبل أن يعمل في مصنع بأجر رمزي، من جَرَّب البلطجة واستطاع أن يصل من خلالها إلي غايته لن يقبل أن يتبع الطرق الشرعية التي يضيع معها المال والعمر.
عندما تتحول بعض الأعمال الدرامية إلي دعوي غير مباشرة للعنف والبلطجة واللامبالاة وتعرض حياة بعض المناطق بما فيها من عنف و قبح لفظي لا نستطيع أن نلوم من يتخذ أحد الفنانين من أصحاب الأعمال الدرامية السابق ذكرها مثلاً يحتذي به ويقلده التقليد الأعمي.
عندما تتحول بعض البرامج الإعلامية دعوة للنميمة ونشر أسرار البيوت بصورة تثير الرأي العام وتحدث بلبلة أو فتنة بين طوائف المصريين المختلفة فنحن نزرع في قلوب المشاهدين الشماتة والغيبة ونخالف ما أمرنا المولي عز وجل به.
عندما نشاهد إعلانات بالملايين لشركات قائمة علي التربح من المواطن البسيط ونشتكي من بعض خدماتها ونشاهد جميعاً أن هذه الشركات تستعين ببعض المشاهير بأجور خيالية ثم نشاهد إعلانات لاستعطاف قلوب المواطن البسيط ليتبرع لأعمال الخير أو لبناء مستشفي أو سداد ديون الغارمين والغارمات، فنحن ننشر وعي اللامنطق بين الشعب.
وغيرها من الأمور اللامنطقية التي نراها فيما بيننا من ضيق حياة الفقراء والرفاهية المطلقة للأغنياء ، عدم التراحم بين فئات الشعب المختلفة أدي إلي حدوث خلل مجتمعي لا يوصف،العيب يكمن بداخلنا نحن، ولن نستطيع أن ننهض من كبوتنا إذا استمر الحال علي ما هو عليه الآن.
لن نشعر بإنجازات علي أرض الواقع ونحن مرضي بداء الأنانية واللامبالاة والفكر الفردي للمكسب والسيطرة ،البناء يحتاج للرعاية حتي يستمر، فإذا كنّا أرواح مشوهة لا تشعر بقيمة التكافل الحقيقي فلن نتقدم ، وسنظل نهوي جميعاً في بئر من الظلمات.
اعتقد أن الأولوية في مصر والتي يجب أن نركز عليها جميعاً هي التربية ثم التعليم أهم من أي مشروع تنموي ،فما الجدوي من بناء المصانع ثم نبحث عن العمالة فلا نجد ، وما الجدوي من شق الطرق فيخرج بعض المفسدين للعبث بها وتشويه ما تم إنجازه؟ نحتاج لبناء الإنسان أولاً بناءاً سليماً علي أسس دينية صحيحة ، وهذا هو النجاح الحقيقي.